للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولما كانت الأشهر الحرم أفضل الأشهر بعد رمضان أو مطلقا، وكان صيامها مندوبا إليه، كما أمر به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، وكان بعضها ختام السّنة الهلاليّة، وبعضها مفتاحا لها، فمن صام ذا الحجّة سوى الأيام المحرّم صيامها منه، وصام المحرّم، فقد ختم السّنة بالطّاعة وافتتحها بالطّاعة، فيرجى أن تكتب له سنته كلّها طاعة، فإنّ من كان أول عمله طاعة وآخره طاعة، فهو في حكم من استغرق بالطاعة ما بين العملين.

وفي حديث مرفوع: «ما من حافظين يرفعان إلى الله صحيفة فيرى في أوّلها وفي آخرها خيرا إلاّ قال الله لملائكته: أشهدكم أنّي قد غفرت لعبدي ما بين طرفيها» (١). خرّجه الطبرانيّ وغيره، وهو موجود في بعض نسخ كتاب الترمذي.

وفي حديث آخر مرفوع: «ابن آدم اذكرني من أوّل النّهار ساعة ومن آخر النّهار ساعة أغفر لك ما بين ذلك، إلا الكبائر أو تتوب منها» (٢).

وقال ابن المبارك: من ختم نهاره بذكر كتب نهاره كله ذكرا. يشير إلى أنّ الأعمال بالخواتيم، فإذا كان البداية والختام ذكرا فهو أولى أن يكون حكم الذكر شاملا للجميع. ويتعيّن استفتاح العام بتوبة نصوح تمحو ما سلف من الذّنوب السالفة في الأيام الخالية.

قطعت شهور العام لهوا وغفلة … ولم تحترم فيما أتيت المحرّما

فلا رجبا وافيت فيه بحقّه … ولا صمت شهر الصّوم صوما متمّما

ولا في ليالي عشر ذي الحجّة الذي … مضى كنت قوّاما ولا كنت محرما


(١) أخرجه: الترمذي (٩٨١). وقال في «مجمع الزوائد» (١٠/ ٢٠٨): «رواه البزار وفيه تمام ابن نجيح وثقه ابن معين وغيره وضعفه البخاري وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح»، وأخرجه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٣٠٥) وقال: لا يصح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
(٢) أخرجه: أبو نعيم في «حلية الأولياء» (٨/ ٢١٣) بلفظ مقارب، وسنده ضعيف.

<<  <   >  >>