للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى عبد الرزاق في كتابه، عن إسرائيل، عن سماك بن حرب، عن معبد القرشي، قال: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بقديد، فأتاه رجل، فقال له النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: أطعمت اليوم شيئا؟ - ليوم عاشوراء - قال: لا، إلا أنّي شربت ماء، قال: فلا تطعم شيئا حتى تغرب الشّمس، وأمر من وراءك أن يصوموا هذا اليوم (١). ولعلّ المأمور كان من أهل قديد. وروى بإسناده عن طاوس أنه كان يصوم عاشوراء في الحضر، ولا يصومه في السّفر.

ومن أعجب ما ورد في عاشوراء أنّه كان يصومه الوحش والهوامّ.

وقد روي مرفوعا أنّ الصّرد أوّل طير صام عاشوراء (٢). خرّجه الخطيب في «تاريخه»، وإسناده غريب. وقد روي ذلك عن أبي هريرة (٣).

وروي عن فتح بن شخرف، قال: كنت أفتّ للنّمل الخبز كلّ يوم، فلمّا كان يوم عاشوراء لم يأكلوه.

وروي عن القادر بالله الخليفة العباسيّ أنّه جرى له مثل ذلك وأنّه عجب منه، فسأل أبا الحسن القزويني الزّاهد، فذكر له أنّ يوم عاشوراء يصومه النّمل. وروى أبو موسى المديني بإسناده، عن قيس بن عباد، قال: بلغني أنّ الوحش كانت تصوم يوم عاشوراء. وبإسناد له، عن رجل أتى البادية يوم عاشوراء، فرأى قوما يذبحون ذبائح، فسألهم عن ذلك، فأخبروه أنّ الوحوش صائمة، وقالوا: اذهب بنا نرك، فذهبوا به إلى روضة فأوقفوه. قال: فلمّا كان بعد العصر جاءت الوحوش من كلّ وجه، فأحاطت بالرّوضة رافعة رءوسها


(١) أخرجه: عبد الرزاق (٧٨٣٥)، وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٨٧): «رجاله ثقات».
(٢) «تاريخ بغداد» (٦/ ٢٩٦)، وهو موضوع، قال الحاكم: «وهو من الأحاديث التي وضعها قتلة الحسين». وراجع: «الفوائد المجموعة» (ص ٩٧ - ٩٨)، وتعليق العلامة المعلمي.
(٣) أورده القرطبي في «تفسيره» (٧/ ٢٧٠)، والحكيم الترمذي في «نوادر الأصول» (٢/ ١٤).

<<  <   >  >>