للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن سيرين: كانوا لا يختلفون أنّه اليوم العاشر، إلاّ ابن عباس، فإنّه قال: إنّه التاسع. وقال الإمام أحمد في رواية الميموني: لا أدري، هو التّاسع أو العاشر، ولكن نصومهما. فإن اختلف في الهلال صام ثلاثة أيام احتياطا.

وابن سيرين يقول ذلك.

وممّن رأى صيام التاسع والعاشر الشافعيّ وأحمد وإسحاق. وكره أبو حنيفة إفراد العاشر وحده بالصّوم. وروى الطبرانيّ من حديث ابن أبي الزّناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد، عن أبيه، قال: ليس يوم عاشوراء باليوم الذي يقول النّاس، إنّما كان يوما تستر فيه الكعبة وتقلس فيه الحبشة عند النبي صلّى الله عليه وسلّم. وكان يدور في السنة، فكان الناس يأتون فلانا اليهوديّ يسألونه، فلمّا مات اليهوديّ أتوا زيد بن ثابت فسألوه (١).

وهذا فيه إشارة إلى أن عاشوراء ليس هو في المحرّم، بل يحسب بحساب السّنة الشمسية، كحساب أهل الكتاب. وهذا خلاف ما عليه عمل المسلمين قديما وحديثا.

وفي «صحيح مسلم» عن ابن عباس، أنّ النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يعدّ من هلال المحرّم، ثم يصبح يوم التاسع صائما (٢). وابن أبي الزّناد لا يعتمد على ما ينفرد به، وقد جعل الحديث كلّه عن زيد بن ثابت، وآخره لا يصلح أن يكون من قول زيد، فلعلّه من قول من دونه، والله أعلم. وكان طائفة من السّلف يصومون عاشوراء في السّفر؛ منهم ابن عبّاس، وأبو إسحاق السّبيعيّ، والزّهريّ. وقال: رمضان له عدّة من أيّام أخر، وعاشوراء يفوت. ونصّ أحمد على أنّه يصام عاشوراء في السّفر.


(١) أخرجه: الطبراني في «الكبير» (٥/ ١٣٨)، وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٨٧): «وفيه عبد الرحمن بن أبي الزناد، وفيه كلام كثير، وقد وثق».
(٢) أخرجه: مسلم (٣/ ١٥١) (١١٣٣).

<<  <   >  >>