ببكائك، فقال: إنّما أبكي على أصوات الملائكة حول العرش. وفي رواية، قال: إنّما أبكي على جوار ربّي في دار تربتها طيبة، أسمع فيها أصوات الملائكة. وفي رواية، قال: أبكي على دار لو رأيتها لزهقت نفسك شوقا إليها.
وروي أنّه قال لولده: كنّا نسلا من نسل السّماء، خلقنا كخلقهم، وغذّينا بغذائهم، فسبانا عدوّنا إبليس؛ فليس لنا فرح ولا راحة إلا الهمّ والعناء حتى نردّ إلى الدّار التي أخرجنا منها.
فحيّ على جنّات عدن فإنّها … منازلك الأولى وفيها المخيّم
ولكنّنا سبي العدوّ فهل ترى … نعود إلى أوطاننا ونسلّم
لمّا التقى آدم وموسى عليه السّلام عاتب موسى آدم على إخراجه نفسه وذريّته من الجنّة، فاحتجّ آدم بالقدر السّابق. والاحتجاج بالقدر على المصائب حسن، كما قال صلّى الله عليه وسلّم:«إن أصابك شيء فلا تقل لو أنّي فعلت كذا كان كذا، ولكن قل قدّر الله وما شاء فعل»(١).
والله لولا سابق الأقدار … لم تبعد قط داركم عن داري
من قبل النأي جرية المقدار … هل يمحو العبد ما قضاه الباري
لمّا ظهرت فضائل آدم عليه السّلام على الخلائق بسجود الملائكة له، وبتعليمه أسماء كلّ شيء وإخباره الملائكة بها، وهم يستمعون له كاستماع المتعلّم من معلّمه، حتى أقرّوا بالعجز عن علمه، وأقرّوا له بالفضل، وأسكن هو وزوجه الجنّة، ظهر الحسد من إبليس وسعى في الأذى، وما زالت الفضائل إذا ظهرت تحسد.