فما زال يحتال على آدم حتى تسبّب في إخراجه من الجنة، وما فهم الأبله أنّ آدم إذا خرج منها كملت فضائله، ثم عاد إلى الجنّة على أكمل من حاله الأوّل. إنما أهلك إبليس العجب بنفسه، ولذلك قال:{أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ}[الأعراف: ١٢]. وإنما كملت فضائل آدم باعترافه على نفسه {قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا}[الأعراف: ٢٣]. كان إبليس كلّما أوقد نار الحسد لآدم فاح بها ريح طيب آدم واحترق إبليس.
وإذا أراد الله نشر فضيلة … طويت أتاح لها لسان حسود
لولا اشتعال النّار فيما جاورت … ما كان يعرف طيب عرف العود
قال بعض السّلف: آدم أخرج من الجنّة بذنب واحد، وأنتم تعملون الذنوب وتكثرون منها، وتريدون أن تدخلوا بها الجنّة!
تصل الذّنوب إلى الذّنوب وترتجي … درج الجنان بها وفوز العابد
ونسيت أنّ الله أخرج آدما … منها إلى الدّنيا بذنب واحد
احذروا هذا العدوّ الذي أخرج أباكم من الجنة؛ فإنّه ساع في منعكم من العود إليها بكل سبيل، والعداوة بينكم وبينه قديمة؛ فإنّه ما أخرج من الجنة وطرد عن الخدمة إلاّ بسبب تكبّره على أبيكم وامتناعه من السجود له لمّا أمر به. وقد أبلس من الرّحمة وأيس من العود إلى الجنّة، وتحقّق خلوده في النّار، فهو يجتهد على أن يخلّد معه في النّار بني آدم؛ بتحسين الشرك؛ فإن عجز قنع بما دونه من الفسوق والعصيان، وقد حذّركم مولاكم منه، وقد أعذر من