فينة يا هذا، فجعلوه كالعلم، ولم يفعلوا ذلك برهة، وهذا كما قالوا للغراب: ابن داية ولم يفعلوا ذلك في الظّهر. ويقال: أتيته آينة بعد آينة، بوزن عاينة أي تارة بعد تارة وكأنّه اسم مبني على فاعلة من الأوان كاللّايمة من اللّوم والنّاظرة من الأنظار. وقرىء (فناظرة إلى ميسره) والنّائل من النّوال، ولا يجعل آينة جمعا لأوان مثل الآونة وأنشد:
ترى قورها يغرقن في آل مرة ... وآينة يخرجن من غامر نخل
أي وتارة يخرجن، وأوان كزمان وأزمنة. قال ابن أحمر:
أبو عمرو يؤنسنا وطلق ... وعمّار وآونة أثالا
قال أبو عبيدة: لقيته أدنى ظلم ومعناه القرب. وقال الأحمر: فإن كنت تلقاه في اليومين والثّلاثة فصاعدا قلت: لقيته أفرط في الفرط، ولا يكون الفرط في أكثر من خمس عشرة ليلة. ويقال: فلان تفارطته الهموم: أي لا تصيبه الهموم إلّا في الفرط.
قال أبو زيد: فإن لقيته بعد شهر أو نحوه قلت: لقيته عن عفر. قال: فإن لقيته بعد الحول أو نحوه قلت: لقيته عن هجر. قال: وإذا كان الرجل يمسك عن إتيان صاحبه الزّمان ثم يمسك عنه نحو ذلك أيضا ثم يأتيه قال: لقيته بعيدات بين.
قال الأصمعي: فإن لقيته بين الأعوام قلت: لقيته ذات العويم، قال أبو عبيدة: فأمّا الغب في الزّيارة فمعناه الإبطاء والتّقليل على غير وقت معلوم، وأحسب الأصل كان فيه من غب وهو أن ترد الإبل الماء يوما وتدع يوما. ومثله غب الحمى ثم انتقل المعنى من هذا في الزّيارة خاصة إلى ما فوق وقت الورد ووقت الحمى. قال: ومن هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث: «زر غبّا تزدد حبّا» فقد علم في هذا أنه أراد الإبطاء في الزّيارة. قال: وكذلك الإلمام نحو الغب، إنما معناه الأحيان على غير مواظبة ولا وقت محدود، فهذا ما قاله، والإلمام للزّيارة لا للوقت، كما أنّ الاعتمار اسم لها متى كانت لا للوقت. ويقال: رأيته عين عنة أي: السّاعة من غير أن طلبته وقيل: أوّل عاينة أيضا. ويقال: أتيته على حبالة ذاك أي على حين ذاك.
وحكى الخليل: أقمت عنده في ضغيغ دهره، أي قدر تمامه. (ابن الأعرابي) فعلنا كذا وكذا والدّهر إذ ذاك مسجل. والمعنى لا يخاف أحد أحدا. ويقال: لهذا دهر حول قلب إذا كان كثير التّبديل، كما يقال: رجل حول قلب. (ابن الأعرابي) يقال: حول كميل ودكيك وقميط وكريت أي تام وأنشد في الكميل شعرا:
على أنني بعد ما قد مضى ... ثلاثون للعجر حولا كميلا