للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يعني امرأته، أي استعملها في الاستسقاء إن لم أجد غيرها. وقال آخر يخاطب الدّلو:

تملئي ثمّ هلّمي حيّ ... إلى سواد نازع مكبّ

يقول: ارتفعي إلى شخص المستقي وهو سواده والنّازع بالدّلو: هو المكبّ وقال آخر:

لترويّن أو لتبيدنّ السّجل ... أو لأروحنّ أصلا لا أشتمل

أي لا أقدر على الاشتمال من إعيائي وضعفي. وقال الآخر:

إن سرّك الريّ أخا تميم ... فاجعل بعبدين ذوي وزيم

بفارسي وأخي الرّوم

الوزيم: القوّة ورجل متوزم: أي شديد الوطء، أي اجعل السّاقين من جنسين مختلفين، لأنهما إذا كانا كذلك لم يفهم أحدهما كلام الآخر وكان أحثّ للعمل لقلّة الإنس بينهما. وأنشد في معناه:

وساقيان سبط وجعد ... وفارطان فارسن وبعد

وأراد وعاد فجعل الفعل بدله. وقال: وأنشده الأصمعي:

إذا بلغت قعرها فانشقّي ... واغترفي من تربها الأدقّ

انشقّي: انفتحي واجر ما فيها. ويقال: بل دعا عليها كأنه قال: انشقّي وحسبي أن بكون حظّك التّراب. وقال وذكر إبلا:

فوردت عذبا نقاحا سمهجا ... فأعجلت شفتها أن تنفجا

نقاح عذب وسمهج: مثله يعني أنّ الإبل جاءت عطاشا، فلم ينتظروا بها أن يبلوا الدّلاء فألقوها كما هي يابسة. قوله وردت: قد تكلّم النّاس فيه من قوله تعالى: وَلَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ

[سورة القصص، الآية: ٢٣] الآية ومن قوله تعالى: وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها

[سورة مريم، الآية: ٧١] .

فمنهم من يقول: إنّ الورود يقتضي الاختلاط بالمورود ومشافهته والدّخول فيه، بدلالة قوله تعالى: ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا

[سورة مريم، الآية: ٧٣] فكيف ينجّيهم منها وهم لم يأتبسوا بها، فعلى قولهم يجب أن يكون قد حتم على نفسه إيراد الخلق جميعا النّار، ثم ينجّي منها المتّقين ويذر فيها الظّالمين. والحكمة في ذلك أن يشاهد المؤمنون موضع الكفّار، فتكثر لديهم مواقع النّعم ويزدادوا اعتدادا وفرحا بما منحهم الله تعالى، قالوا:

<<  <   >  >>