ثم صاروا إليه فأهدوا له طرفا من طرف الحيرة وإبلا فضرب عليهم قبة ونحر لهم، فلما مضت ثلاث دعاهم فدخلوا عليه فتكلّم برج وكان أسنّهم فقال له: جادك السّحاب- وأمرع لك الحباب- وضفت عليك النّعم الرّغاب- نحن أولو الآكال- والحدائق- والأغيال- والنّعم الجفال- ونحن أصهار الأملاك وفرسان العراك- يورّي عنه أنّه من بكر بن وائل.
فقال سواد والسّماء والأرض- والغمر- والبرض- والقرض- والفرض- إنّكم لأهل الهضاب الشمّ- والنّخل العم- والصّخور الصمّ- من أجاء العيطاء- وسلمى ذات المرقبة السّطعاء- فقالوا: إنا لكذاك، وقد خبّأ كلّ رجل منّا خبيئا لتخبر الرّجل باسمه وخبيئه. فقال لبرج:
أقسم بالضّياء والحلك- والنّجوم- والفلك- والشّروق والدلّك في أسنخة الفلك لقد خبأت برثن فرخ- في إعليط مرخ- تحت أسرة الشّرخ. قال: ما أخطأت شيئا، فمن أنا؟ قال: أنت برج بن مسهر عصرة المعور وثمال المحجر.
ثم قام أنيف بن حارثة فقال: ما خبيئي وما اسمي؟ فقال سواد- والسّحاب والتّراب- والأسباب- والأحداب والنّعم الكتاب- ويروى الكباب- لقد خبّأت قطامة فسيط، وقذّة مريط، في مدرة من مدى مطيط فقال: ما أخطأت شيئا فمن أنا؟ فقال: أنت أنيف- قاري الضّيف- ومعمل السّيف- وخالط الشّتاء بالصّيف.
ثم قام عبد الله بن سعد فقال: ما خبيئي ومن أنا؟ فقال سواد أقسم بالسّوام العارب والوقير الكارب- والمجد الرّاكب- والمشيح الجادب- لقد خبّأت نغاثة فنن- في قطيع قد مرن- من أديم قد جرن- فقال: ما أخطأت حرفا فمن أنا؟ قال: سعد النّوال- عطاؤك سجال- وشرّك عضال- وعمدك طوال- وبيتك لا ينال.
ثم قام عارق فقال: ما خبيئي وما اسمي؟ قال سواد أقسم بنقف اللّوح- والماء المسفوح- والفضاء المندوح- لقد خبّأت زمعة طلى أعفر- في زعنفة أديم أحمر- تحت حلس نضؤ أدبر- قال ما أخطأت شيئا فمن أنا؟ قال: أنت عارق ذو اللّسان العضب- والقلب النّدب- مضاء الغرب- مناع السّرب- مبيح النّهب.
ثم قام مرّة بن عبد رضا قال: ما خبيئي وما اسمي؟ قال سواد: أقسم بالأرض والسّماء- والبروج والأنواء- والظّلمة والضّياء- لقد خبّأت دمة- في زمة شيط لمة- قال: ما أخطأت حرفا فمن أنا؟ قال: أنت مرة السّريع الكره- البطيء الغرة الشّديد المرة- القليل الغرة.
قالوا فأخبرنا بما رأينا في طريقنا إليك، فقال سوادا: أقسم بالنّاظر من حيث لا يرى- والسّامع من قبل أن يناجي- والعالم بما لا يدري- لقد عفت لكم عقاب عجزاء- على