و (البارح) ما جاء من مياسرك فولّاك ميامنه، فأحدهما راعى من نفسه ما كرهه والآخر راعاه من الماربة، (فأما الناطح) فما يلقاك و (القعيد) ما استدبرك و (الجابة) ما جاء من أعلاك وقوله: (أجيزي نوى مشمولة) معناه اقطعي نوى هبّت عليها ريح الشّمال فبدّدت شملها وقوله: (فمتى اللقاء) : استبعاد لوقوعه.
وحكى أحمد بن يحيى عن أبي المنهال المهلبي عن أبي زيد الأنصاري أنّ ما مر من ظبي أو طائر أو غيره فكلّ ذلك عندهم طائر. وأنشد في ذلك لكثيّر:
فلست بناسيها ولست بتارك ... إذا عرض الأدم الجواري سؤالها
ثم خبّر بعد أن قال الأدم الجواري أنه طائر فقال:
أدرك من أمّ الحكيم غبطة ... بها خبّرتني الطّير أم قد أتى لها
وقد فسّر قوله تعالى: وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ
[سورة الإسراء، الآية: ١٣] الآية على أنّ معناه حظّه، وقيل: عمله وما قدّمه من خير أو شر. ويكون ذلك في الكتاب الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها. وقال تعالى فيه: هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ
[سورة يونس، الآية: ٣٠] وفي موضع آخر: هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ
[سورة الحاقة، الآية: ١٩] وقال الكميت في تصديق ما ذكرناه شعرا:
وما أنا ممّن يزجر الطّير همّه ... أصاح غراب أم تعرّض ثعلب
وقال حسان بن ثابت رضي الله عنه:
ذريني وعلمي بالأمور وسيرتي ... فما طائري فيها عليك مخيلا
رواه أبو زيد وفسّره على أنّ المراد ليس رآني بمشؤوم. وأنشد لكثير:
أقول إذا ما الطّير مرّت مخيلة ... لعلّك يوما فانتظر أن تنالها
(مخيلة) : مكروهة من الأخيل، وأنشد: ولقيت من طير العراقيب أخيلا. ومن المأثور قولهم:
اللهمّ لا خير إلّا خيرك، ولا طيرا إلّا طيرك، ولا ربّ غيرك، وقال خثيم بن عدي في ضدّ ما تقدّم:
ولست بهيّاب إذا شدّ رحله ... بقول عداني اليوم واق وحاتم
قال:
فإذا الأشائم كالأيامن ... والأيامن كالأشائم