القسم الثالث: وضع تعريفا لآحاد جمل الأجناس المختلفة المشتركة في باب التّعلق بغيرها على وجه واحد، ليقوم مقام ذكر جميع الأجناس الدّاخلة تحتها، وهذا كاللّون والكون والاعتقاد والسّهو وما يجرى مجراها، وهذا النّوع يسمّى جنس الفعل ويلزم الاشتراك فيها اشتراكا في نوعيتها.
الضرب الثّاني: على وجهين:
الوجه الأول: اسم على المسمّى به تعريفا لجنسه وللتميز بينه وبين ما خالفه وإن شاركه في التّسمية غيره من طريق القياس لاشتراكهما في الفائدة، ورسم بأنه اسم جنس لمّا كانت المسمّيات به أعدادا كثيرة مماثلة وهذا كالسّواد والبياض والحمرة والخضرة والحلاوة وما جرى مجراها، يوجب مماثلة الموصوفين بها فلذلك استحال اشتراك المختلفين بالذّوات في اشتقاق الوصف بها.
النوع الثاني: اسم جرى على المسمّى ليفيد فيه ما يفارق به غيره مما لم يشاركه فيه من غير أن يكون افتراقهم في الوصف موجبا لمخالفتهم كما لم يوجب اشتراكهم في ذلك مما يليهم في اللفظ بل في المعنى أوجب ذلك لكونه جواهر ورسم بأنه صفة، وإذا قصد به الإكرام في التعلق قيل: إنّها مدح كما إذا قصد بها الاستخفاف قيل إنها ذم، إذ كانت لا تخلو من الحسن أو القبح وهي على وجوه:
الوجه الأول: صفة تفيد في الموصوف معنى حالا فيه وذلك كقولك: متحرّك وساكن، وأسود وأبيض، وحلو وحامض، ورسمت هذه الصّفات بصفات المعاني لأنها علل في إجراء الوصف على محالها من طريق الاشتقاق، فلذلك أخذ الاسم من لفظها، والاشتراك في هذه الصفة يوجب الاشتراك فيما أفادته، ويقتضي مماثلة الموصوفين في المعنى لكونها جوهرا.
الوجه الثاني: صفة تفيد كون الموصوف فاعلا لمقدوره والاسم يجري عليه مشتقا من لفظ اسم فعله، وهذا كقولك: ضارب وشاتم ومتكلم، ورسمت هذه الصّفات لصفات الفعل ولا يوجب الاشتراك في هذه الصّفة تماثل الموصوفين لا بالمعنى ولا باللّفظ كما أوجب في الأولى.
الوجه الثالث: صفة تفيد الإضافة والنّسبة وذلك كقولك: هاشميّ وبصريّ ودار زيد، وغلام عمرو، فباتّصال الياء المشدّدة بالاسم صار صفة بعد أن كان علما أو غير صفة.
الوجه الرّابع: صفة تفيد وجود الموصوف بها يجري عليه هذه الصفة ويرجع إلى غيره وهذا كوصف الاعتقاد بأنه علم أو جهل، أو تقليد أو ظن. ووصف العلم بأنه غم أو سرور.