وفيها مسجد جامع، وبقرب مدينة أخرى تسمى سوار «١» فيها أيضا مسجد جامع، وأخبرنى من كان يخطب بها أن مقدار عدد الناس بهاتين المدينتين نحو عشرة آلاف رجل، ولهم أبنية خشب يأوونها «٢» فى الشتاء، وفى الصيف يفترشون فى الخركاهات، وأخبرنى الخطيب بها أن الليل عندهم «٣» لا يتهيأ أن يسير فيه الإنسان أكثر من فرسخ فى الصيف، وفى الشتاء يقصر النهار ويطول الليل حتى يكون نهار الشتاء مثل ليالى الصيف «٤» .
والروس هم ثلاثة أصناف، فصنف هم «٥» أقرب إلى بلغار، وملكهم يقيم بمدينة تسمى كويابة، وهى أكبر من بلغار، وصنف أبعد «٦» منهم يسمون الصّلاوية، وصنف يسمون الأرثانية، وملكهم مقيم بأرثا، والناس يبلغون فى التجارة إلى كويابة، فأما أرثا فإنه لا يذكر أن أحدا دخلها من الغرباء، لأنهم يقتلون كل من وطئ أرضهم من الغرباء، وإنما ينحدون فى الماء يتجرون، فلا يخبرون بشىء من أمورهم ومتاجرهم، ولا يتركون أحدا يصحبهم ولا يدخل بلادهم، ويحمل من أرثا السمّور الأسود والرصاص؛ والروس قوم يحرقون أنفسهم إذا ماتوا، وتحرق مع مياسيرهم الجوارى بطيبة من أنفسهن، وبعضهم يحلق اللحى، وبعضهم يفتلها مثل الذوائب، ولباسهم الفراطق القصار، ولباس «٧» الخزر وبلغار وبجناك القراطق التامة، وهؤلاء الروس يتجرون إلى الخزر ويتجرون إلى الروم وبلغار الأعظم، وهم متاخمون للروم فى شماليتها، وهم عدد كثير يبلغ من قوّتهم أنهم ضربوا خراجا على ما يلى بلادهم من الروم؛ وبلغار الداخل هم نصارى.
المسافات بين بلاد بحر الخزر ونواحيها: من آبسكون إلى بلاد الخزر عن اليمين نحو ٣٠٠ فرسخ، ومن آبسكون عن يسار السائر إلى الخزر نحو ٣٠٠ فرسخ، ومن آبسكون إلى دهستان «٨» ٦ مراحل، ويقطع هذا البحر إذا طابت الريح عرضا من طبرستان إلى باب الأبواب فى أسبوع «٩» . وأما من آبسكون إلى بلاد الخزر فإنه زائد على العرض- لأنه مزوّى. ومن إثل إلى سمندر ٨ أيام، ومن سمندر إلى باب الأبواب ٤ أيام، وبين مملكة السرير وباب الأبواب ٣ أيام، ومن إثل إلى أول حدّ برطاس مسيرة ٢٠ يوما، ومن أوّل برطاس إلى آخره نحو ١٥ يوما، ومن برطاس إلى بجناك نحو ١٠ مراحل، ومن إثل إلى بجناك «١٠» مسيرة شهر، ومن إثل إلى بلغار على طريق المفازة نحو شهر، وفى الماء نحو شهرين فى الصعود وفى الحدود نحو ٢٠ يوما، ومن بلغار إلى أول حدّ الروم نحو ١٠ مراحل، ومن بلغار إلى كويابة نحو ٢٠ مرحلة، ومن بجناك إلى بسجرت الداخل ١٠ أيام، ومن بسجرت الداخل إلى بلغار ٢٥ مرحلة.