وأما مصر فإنّ لها حدا يأخذ من بحر الروم بين الإسكندرية وبرقة، فيأخذ فى برارىّ حتى ينتهى إلى ظهر الواحات، ويمتد إلى بلد النوبة، ثم يعطف على حدود النوبة فى حدّ أسوان، إلى أرض البجة من وراء أسوان، حتى ينتهى إلى بحر القلزم، ثم يمتد على بحر القلزم ويجاوز القلز على البحر إلى طور سينا، ويعطف على تيه بنى اسرائيل ويمتد حتى ينتهى إلى بحر الروم فى الجفار خلف رفح والعريش، ويمتد على بحر الروم إلى أن ينتهى إلى الإسكندرية، ويتصل بأول الحدّ الذي ذكرناه.
المسافات بمصر: من ساحل بحر الروم حيث ابتدأناه إلى أن يتصل بأرض النوبة من وراء الواحات نحو ٢٥ مرحلة، ومن حدّ النوبة مما يلى الجنوب على حدود النوبة نحو ٨ مراحل، ومن القلزم على ساحل البحر إلى أن ينعطف على التية ٦ مراحل، ومن حدّ البحر على حدّ التيه إلى أن يتصل ببحر الروم نحو ٨ مراحل ويمتد على البحر إلى أول الحدّ الذي ذكرناه نحو ١٢ مرحلة، وطولها من أسوان إلى بحر الروم نحو ٢٥ مرحلة، وبها بحيرة فيها جزائر مسافتها نحو مرحلتين فى مثلها، فهذه جملة مسافاتها.
وأما صفة مدنها وبقاعها: فإن مدينتها العظمى تسمى الفسطاط، وهى على النيل فى شرقيّة شمالىّ النيل، وذلك أن النيل يجرى مؤرّبا بين المشرق والجنوب، والبلد كله على جانب واحد، إلا أن فى عدوة النيل أبنية قليلة تعرف بالجزيرة، وهى جزيرة يعبر من الفسطاط إليها على جسر فى سفن، ويعبر من هذه الجزيرة إلى الجانب الآخر على جسر آخر، إلى أبنية ومساكن على الشط الآخر يقال لها الجيزة، والفسطاط مدينة كبيرة نحو الثلث من بغداد؛ ومقداره نحو ثلثى فرسخ، والفسطاط على غاية العمارة والخصب، وبالفسطاط قبائل وخطط للعرب تنسب إليهم محالّها، مثل ما بالكوفة والبصرة إلا أنها أقل من ذلك، وهى سبخة ومعظم بنائهم بالطوب طبقات، وأكثر السفل بها غير مسكونة، وربما بلغت طبقات الدار الواحدة ثمانى طبقات، إلا فى طرف منها يسمى الموقف فإنّه أصلب قليلا، وبها بناء مفترش وذلك بالحمراء على شط النيل، وبها مسجدان للجمعة: بنى أحدهما عمرو بن العاص فى وسط الأسواق، والآخر بأعلى الموقف بناه أحمد بن طولون، وخارج مصر أبنية بناها أحمد بن طولون تكون زيادة على ميل، كان يسكنها جنده تسمى القطائع، كما كان بناء آل الأغلب خارج القيروان- الرقّادة،