يعتبر الإصطخرى من أعلام المدرسة الجغرافية العربية فى مجال الدراسات الإقليمية ورسم الخرائط التى ظهرت وازدهرت فى القرن الرابع الهجرى، وتتمثل هذه المدرسة فى نتاج مجموعة من الجغرافيين بدأت برائدهم البلخى (أبو زيد أحمد بن سهل البلخى) ثم تبعه الإصطخرى، الذي عاصره ابن حوقل وجاء من بعده المقدسى.
وقد اعتمد هؤلاء فى مؤلفاتهم على إكساب لفظ الإقليم دلالة مغايرة لما كانت عليه الجغرافية عند الإغريق من حيث ما يسمى بالأقاليم السبعة، وجاء هذا الاتجاه الجديد ليقصد بالإقليم كيانا مساحيّا يسهل تحديد حدوده الطبيعية، كما أنه وحدة إدارية سياسية خاضعة لنظام مركزى سياسى موحد، وكثيرا ما كانت هذه الكيانات الإقليمية ذات أصول عرقية ولغوية موحدة فضلا عن الجوانب الاجتماعية.
ومثل هذا الاتجاه الجديد المغاير للتقسيمات السابقة أقرب ما يكون لمدلول لفظ الإقليم؛ لأنه كما يقول ياقوت الحموى: إنما سمى إقليما لأنه مقلوم من الأرض التى تتاخمه، أى مقطوع، والقلم فى أصل اللغة القطع وفى القرآن الكريم: إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ
[سورة آل عمران. الآية ٤٤] .
يقول الإصطخرى فى مقدمة كتابه: «ذكرت فى كتابى هذا أقاليم الأرض على الممالك، وقصدت منها بلاد الإسلام بتفصيل مدنها ...