وأما الشام فإنّ غربيها بحر الروم، وشرقيها البادية من أيلة إلى الفرات، ثم من الفرات إلى حدّ الروم، وشماليها بلاد الروم، وجنوبيها حدّ مصروتيه بنى إسرائيل، وآخر حدودها ممّا يلى مصر رفح، ومما يلى الروم الثغور، وهى ملطية والحدث ومرعش والهارونيّة والكنيسة وعين زربة والمصّيصة وأذنة وطرسوس والذي يلى الشرقىّ والغربى مدن قد ذكرناها فى تصوير الشام، (وفى إعادتها تطويل «١» ) .
قد جمعت الثغور إلى الشام، وبعض الثغور تعرف بثغور الشام، وبعضها تعرف بثغور الجزيرة، وكلاهما من الشام، وذلك أن كل ما وراء الفرات من الشام، وإنما سمى من ملطية إلى مرعش ثغور الجزيرة، لأن أهل الجزيرة بها يرابطون وبها يغزون، لا لأنّها من الجزيرة. وكور الشام إنّما هى جند فلسطين وجند الأردنّ وجند حمص وجند دمشق وجند قنّسرين والعواصم والثغور، وبين ثغور الشام وثغور الجزيرة جبل اللّكام، وهو الفاصل بين الثغرين، وجبل اللكام هو جبل داخل فى بلد الروم، ويقال إنّه ينتهى فى بلد الروم إلى نحو من مائتى فرسخ، ويظهر فى بلد الإسلام «٢» بين مرعش والهارونيّة وعين زربة فيسمى اللكام، إلى أن يجاوز اللاذقيّة ثم يسمى جبل بهراء، وتنوخ إلى حمص ثم يسمى جبل لبنان، ثم يمتد على الشام حتى ينتهى إلى بحر القلزم.
وأما جند فلسطين- وهو أول أجناد الشام مما يلى المغرب- فإنّه تكون مسافته للمراكب طول يومين من رفح إلى حدّ اللّجون، وعرضه من يافا إلى ريحا «٣» يومان، وأما زغر وديار قوم لوط والجبال والشراة فمضمومة إليها، وهى منها فى العمل إلى أيلة، وديار قوم لوط والبحيرة الميّتة وزغر إلى بيسان وطبريّة تسمى الغور لأنها بين جبلين، وسائر بلاد الشام مرتفع عليها، وبعضها من الأردنّ وبعضها من فلسطين فى العمل، وأما نفس فلسطين فهو ما ذكرته، وفلسطين ماؤها من الأمطار، وأشجارها وزروعها أعذاء «٤» إلا نابلس، فإنّ بها مياها جارية، وفلسطين أزكى بلدان الشام، ومدينتها العظيمة الرّملة، وبيت المقدس يليها فى الكبر، وبيت المقدس مدينة مرتفعة على جبال يصعد إليها من كل مكان قصد من فلسطين، وبها مسجد ليس فى الإسلام