متقابلان يأخذان من البحر المحيط، وأعظمها طولا وعرضا بحر فارس، والذي ينتهى إليه بحر فارس من الأرض من حدّ الصين إلى القلزم، فإذا قطعت من القلزم إلى الصين على خط مستقيم كان مقداره مائتى مرحلة، وذلك أنّك إذا قطعت من القلزم إلى أرض العراق فى البرّية كان نحوا من شهر، ومن العراق إلى نهر بلخ نحوا من شهرين، ومن نهر بلخ إلى آخر الإسلام فى حدّ فرغانة نيفا وعشرين مرحلة، ومن هناك إلى أن تقطع أرض الخزلجيّة كلها فتدخل فى عمل التّغزغز نيف وثلاثون مرحلة، ومن هذا المكان إلى البحر من آخر عمل الصين نحو من شهرين؛ فأما من أراد قطع هذه المسافة من القلزم إلى الصين فى البحر طالت المسافة عليه، لكثرة المعاطف والتواء الطرق فى هذا البحر، وأما بحر الروم فإنّه يأخذ من البحر المحيط فى الخليج الذي بين المغرب وأرض الأندلس، حتى ينتهى إلى الثغور الشامية، ومقداره فى المسافة نحو من سبعة أشهر، وهو أحسن استقامة واستواء من بحر فارس، وذلك أنّك إذا أخذت من فم هذا الخليج أدّتك ريح واحدة إلى آخر هذا البحر، وبين بحر القلزم- الذي هو لسان بحر فارس- وبين بحر الروم على سمت الفرما أربع مراحل، غير أن بحر الروم يجاوز الفرما إلى الثغور بنيف وعشرين مرحلة، وقد فصّلنا فى مسافات المغرب ما يغنى عن إعادته، فمن مصر إلى أقصى المغرب نحو من مائة وثمانين مرحلة، فكان ما بين أقصى الأرض من المغرب إلى أقصاها من المشرق نحوا من أربعمائة مرحلة؛ وأما عرضها من أقصاها فى حدّ الشمال إلى أقصاها فى حدّ الجنوب فإنّك تأخذ من ساحل البحر المحيط حتى تنتهى إلى أرض يأجوج ومأجوج، ثم تمرّ على ظهر الصقالبة، وتقطع أرض بلغار الداخلة والصقالبة، وتمضى فى بلاد الروم إلى الشام حتى تخرج من الشام وأرض مصر والنوبة، ثم تمتدّ فى برّية بين بلاد السودان وبلاد الزنج حتى تنتهى إلى البحر المحيط، وهذا خط ما بين جنوبىّ الأرض وشماليّها؛ فأما الذي أعلمه من مسافة هذا الخط فإنّ من ناحية يأجوج إلى ناحية بلغار وأرض الصقالبة نحوا من أربعين مرحلة، ومن أرض الصقالبة فى بلد الروم إلى الشام نحوا من ستين مرحلة، ومن أرض الشام إلى أرض مصر نحوا من ثلاثين مرحلة، ومنها إلى أقصى النوبة نحوا من ثمانين مرحلة حتى تنتهى إلى هذه البرّية، فذلك مائتان وعشر مراحل كلها عامرة؛ وأما ما بين يأجوج ومأجوج والبحر المحيط فى الشمال، وما بين برارىّ السودان والبحر المحيط فى الجنوب فقفر خراب، ما بلغنا أنّ فيه عمارة، ولا أدرى مسافة هاتين البرّيتين إلى شط البحر المحيط كم هى، وذلك أن سلوكهما غير ممكن لفرط البرد الذي يمنع من العمارة والحياة فى الشمال، وفرط الحرّ المانع من الحياة والعمارة فى الجنوب؛ وأما ما بين الصين والمغرب فمعمور كلّه، والأرض كلها مستديرة والبحر المحيط محتفّ بها كالطوق، ويأخذ بحر الروم وبحر فارس من هذا البحر؛ فأما بحر الخزر فليس يأخذ من هذا الخليج وإنما هو بحر لو أخذ السائر على ساحله من الخزر على أرض الدّيلم وطبرستان وجرجان والمفازة على سياه كوه لرجع إلى مكانه الذي سار منه، من غير أن يمنعه مانع إلا نهر يقع فيه، وأما بحيرة خوارزم فكذلك. وفى أعراض بلاد الزنج ومن وراء أرض