إلى بحر الخزر، وليس لهذا المصر كثير رساتيق ولا سعة ملك، وهو بلد بين بحر الخزر والسرير والروس والغزيّة؛ وأما التبّت فإنها بين أرض الصين والهند وأرض الخزلجيّة والتغزغز وبحر فارس وبعضها فى مملكة الهند، وبعضها فى مملكة الصين، ولهم ملك قائم بنفسه، يقال إن أصله من التبابعة والله أعلم. وأما جنوبى الأرض من بلاد السودان فإن بلد السودان الذي فى أقصى المغرب على البحر المحيط بلد مكنّف، ليس بينه وبين شىء من الممالك اتصال، غير أن حدا له ينتهى إلى البحر المحيط، وحدا له إلى برّية بينه وبين أرض المغرب، وحدا له إلى برية بينه وبين أرض مصر على ظهر الواحات، وحدا له ينتهى إلى أن البرّية التى قلنا إنّه لا يثبت فيها عمارة لشدة الحر؛ وبلغنى أن طول أرضهم نحو من سبعمائة فرسخ فى نحوها، غير أنها من البحر إلى ظهر الواحات أطول من عرضها؛ وأما أرض النوبة فإنّ حدا لها ينتهى إلى أرض مصر، وحدا لها إلى هذه البريّة التى بين أرض السودان ومصر، وحدا لها إلى أرض البجة، وبرارى بينها وبين القلزم، وحدا لها إلى هذه البريّة التى لا تسلك؛ وأما أرض البجة فإن ديارهم صغيرة، وهى ما بين الحبشة والنوبة، وهذه البرية التى لا تسلك؛ وأما الحبشة فإنها على بحر القلزم، وهو بحر فارس، فينتهى حدّ لها إلى بلاد الزنج، وحدّ لها إلى البرية التى بين النوبة وبحر القلزم، وحدّ لها إلى البجة والبرية التى لا تسلك؛ وأما أرض الزنج فإنّها أطول من أرض السودان، ولا تتصل بمملكة غير الحبشة، وهى بحذاء اليمن وفارس وكرمان إلى أن تحاذى أرض الهند؛ وأما أرض الهند فإنّ طولها من عمل مكران فى أرض المنصورة والبدهة وسائر بلد السند إلى أن تنتهى إلى قنّوج، ثم تجوزه إلى أرض التبّت نحو من أربعة أشهر، وعرضها من بحر فارس على أرض قنوج نحو ثلاثة أشهر؛ وأما مملكة الإسلام فإنّ طولها من حدّ فرغانة حتى تقطع خراسان والجبال والعراق وديار العرب إلى سواحل اليمن نحو من خمسة أشهر، وعرضها من بلد الروم حتى تقطع الشام والجزيرة والعراق وفارس وكرمان إلى أرض المنصورة على شط بحر فارس نحو من أربعة أشهر، وإنما تركنا أن نذكر فى طول الإسلام حدّ المغرب إلى الأندلس، لأنها مثل الكم فى الثوب، وليس فى شرقى المغرب ولا فى غربيها إسلام، لأنّك إذا جاوزت مصر فى أرض المغرب كان جنوبىّ المغرب بلاد السودان، وشمالىّ المغرب بحر الروم ثم أرض الروم، ولو صلح أن يجعل طول الإسلام من فرغانة إلى أرض الأندلس لكان مسيرة ثلاثمائة وعشر مراحل لأن من أقصى فرغانة إلى وادى بلخ نيّفا وعشرين مرحلة، ومن وادى بلخ إلى العراق نحوا من ستين مرحلة، ومن العراق إلى مصر نحوا من خمسين مرحلة، وقد بيّنا فى مسافات المغرب أن من مصر إلى أقصاه مائة وثمانين مرحلة، وقصدت فى كتابى هذا تفصيل بلاد الإسلام إقليما إقليما حتى يعرف موقع كل إقليم من مكانه، وما يجاوره من سائر الأقاليم، ولم تتسع هذه الصورة التى جمعت سائر الأقاليم لما يستحقه كل إقليم فى صورته، من مقدار الطول والعرض والاستدارة والتربيع والتثليث وما يكون عليه أشكالها، غير أنّا بيّنا لكل إقليم مكانا يعرف به موضعه، وما يجاوره من سائر الأقاليم، ثم أفردنا لكل إقليم منها صورة على حدة، فبيّنا فيها شكل ذلك الإقليم، وما يقع فيه من المدن، وسائر ما يحتاج إلى علمه، مما نأتى على ذكره فى موضعه إن شاء الله.