عدوة الأندلس، يعبر منها ولا يعبر من دونها، إلا من المدن التى تلى المغرب، لأنها أول مدينة تحاذى الأندلس، وما دونها محاذ لبلاد الافرنجة. وطبرقة مدينة صغيرة وبيّة بها عقارب قاتلة نحو عقارب عسكر مكرم، وبها فى البحر معدن المرجان، وليس يعرف فى الأرض معدن للمرجان إلا بها؛ وأما تنس فهى مدينة كبيرة، وهى عدوة إلى الأندلس أيضا، إلا أنها وبيّة؛ وجزيرة بنى مزغنّا مدينة عامرة، يحف بها طوائف من البربر، وهى من الخصب والسعة على غاية ما تكون المدن؛ وناكور على شط البحر مدينة كبيرة، يعبر منها أيضا إلى بجّانة، وهى مدينة حصينة خصبة، والبصرة مدينة كبيرة واسعة خصبة، وهى بحذاء جزيرة جبل طارق، وبينها وبين الجزيرة المذكورة عرض البحر اثنا عشر فرسخا، وأزيلة مدينة كبيرة على شط البحر المحيط، وهى خصبة كثيرة الخير، وهى أقصى المعابر إلى الأندلس، والسّوس الأقصى اسم المدينة إلا أنها كورة عظيمة، ذات مدن وقرى وسعة وخصب، ويحتف بها طوائف من البربر، وأما البصرة وأزيلة فهما من إقليم طنجة، وطنجة هى كورة عظيمة، تحيط بمدن وقرى وبواد «١» للبربر كثيرة، ومدينتها العظمى التى هى القصبة تسمى فاس، وهي المدينة التى بها يحيى الفاطمى، ولم يفتحها عبيد الله الخارج بالمغرب إلى حين تصنيف هذا الكتاب، وأما ناكور وجزيرة بنى مزغنّا فى مدن وقرى كثيرة فقريبة من تاهرت الأعلى؛ ومدينة كورة تاهرت اسمها تاهرت، وهى مدينة كبيرة خصبة واسعة البريّة والزروع والمياه، وبها الإباضيّة وهم الغالبون عليها [وسجلماسة مدينة وسطة من حدّ تاهرت، إلا أنها منقطعة لا يسلك إليها إلا فى القفار والرمال، وهى قريبة من معدن الذهب، بينها وبين أرض السودان وأرض زويلة، ويقال إنه لا يعرف معدن للذهب أوسع ذهبا ولا أصفى منه، إلا أنّ المسلك إليه صعب، والاستعداد شاق جدا، وهى من مملكة عبيد الله، ويقال إن كورة تاهرت بأسرها من افريقية، إلا أنها مفردة بالاسم والعمل فى الدواوين، وسطيف مدينة كبيرة بين تاهرت وبين القيروان، وهى حصينة ولها كورة تشتمل على قرى كثيرة وعمارة متصلة، وسكانها كتامة قبيلة من البربر، بهم ظهر عبيد الله، وكان أبو عبد الله المحتسب الداعى إلى عبيد الله مقيما بينهم، حتى تمهّد أمره بهم، والقيروان هى أجلّ مدينة بأرض المغرب، خلا قرطبة بالأندلس فإنها أعظم منها، وهى المدينة التى كان يقيم بها ولاة المغرب، وبها كان مقام الأغلب وبنيه إلى أن أزال ملكهم أبو عبد الله المحتسب، وخارج القيروان أبنية كانت معسكر آل الأغلب ومقامهم بها كان، وتسمى الرّقّادة، إلى أن استحدث عبيد الله المهديّة على شط البحر، فأقام بها وانتقل عن رقّادة، وأما زويلة فإنها من حدّ المغرب، وهى مدينة وسطة لها كورة عريضة، وهى متاخمة لأرض السودان، وبلدان السودان بلدان عريضة إلا أنها قفرة قشفة جدا، ولهم فى جبال لهم عامة ما يكون فى بلاد الإسلام من الفواكه، إلا أنهم لا يطعمونه، ولهم أطعمة يتغذون بها من فواكه ونبات، وغير ذلك مما لا يعرف فى بلدان الإسلام، والخدم السود الذين يباعون فى بلدان