وطليطلة مدينة فى جبل عال، بناؤها من حجارة قد وثّقت بالرصاص، وحواليها سبعة أجبل كلها عامرة منيعة مسكونة، وحولها نهر عظيم يقارب فى الكبر دجلة، واسم هذا النهر تاجه، يخرج من بلد يقال لها شنتبريّة «١» ، ووادى الحجارة مدينة هى وما حواليها من المدن والقرى تعرف بمدن بنى سالم، وريّة كورة عظيمة خصيبة، ومدينتها أرجدونة ومنها كان عمر بن حفصون، الذي خرج على بنى أمية بها؛ وفحص البلّوط كورة خصبة واسعة ومدينتها غافق، وقورية مدينة كانت كبيرة إلا أنها خربت بعصبية وقعت بينهم، فاستعان أحد الفريقين بالجلالقة النصارى حتى خرّبوها؛ وماردة من أعظم مدن الأندلس، وكذلك طليطلة، وهما ممتنعتان ليس بهما عامل لبنى أمية، إلا أنه يخطب بهما لهم؛ وشنترين كورة عظيمة ومدينتها قلمرية، وثغور الجلالقة ماردة ونفزة ووادى الحجارة وطليطلة، ومدينة الجلالقة مما يلى ثغور الأندلس يقال لها سمّورة، وعظيم الجلالقة بمدينة يقال لها أبيط، هى بعيدة عن بلدان الإسلام، وليس فى أصناف الكفر الذين يلون الأندلس أكثر عددا من الأفرنجة، ويقال لملكهم قارله، غير أن الذين يلون المسلمين منهم أقل من سائر أجناس الكفر، لدخولهم فى البحر، والحاجز الذي بينهم وبين الأفرنجة من بلدان الشرك من غيرهم، ثم الجلالقة يتلونهم فى الكثرة، وأقلهم عددا البسكونس وهم أشد شوكة، والذين يتلون البسكونس من ثغور الأندلس سرقسطة وتطيلة ولاردة، ويليهم قوم من النصارى يقال لهم علجسكس أقلهم غائلة، وهم الحاجز بينهم وبين الافرنجة.
والبربر الذين هم بأرض الأندلس وسائر المغرب صنفان، صنف يقال لهم البتر، وصنف يقال لهم البرانس، فنفزة ومكناسة وهوارة ومديونة من البتر وهم بالأندلس، وكتامة وزناتة ومصمودة ومليلة وصنهاجة من البرانس.
فأما زناتة فأوطانها بناحية تاهرت، وأما كتامة فأوطانها بناحية سطيف، وسائر البربر الذين هم من البرانس فمفترشون فى سائر المغرب من شرقى بحر الروم، وأما نفزة ومكناسة «٢» فهم بالأندلس بين الجلالقة وبين مدينة قرطبة، وأما هوارة ومديونة فهم سكان شنتبرية. وبكورة البيرة حرير كثير يفضل ويقدّم على غيره، وبالأندلس معادن كثيرة من الذهب، وبها معادن فضة بناحية البيرة ومرسية، وبقرب قرطبة بموضع يقال له كرتش وتفسيره بالعربية ديار، وبناحية تطيلة سمّور كثير.
وزويلة بلد فى وجه أرض السودان، وهؤلاء الخدم السود أكثرهم يقع إلى زويلة، وأرض المغرب ما كان منها فى شرقى بحر الروم بقرب الساحل فتعلوهم سمرة، وكلما تباعدوا فيما يلى الجنوب والمشرق ازدادوا سوادا، حتى ينتهوا إلى بلد السودان، فيكون الناس بها أشد الأمم سوادا، ومن كان فى غربى بحر الروم بالأندلس فهم بيض زرق، وكلما ازدادوا وتباعدوا إلى ما يلى المغرب والشمال ازدادوا بياضا، حتى يقطع عرض الروم كله إلى ظهر الصقالبة،