وأما كورة سابور فإن معظم مدنها كازرون وخرّة والنوبنجان، وأبنيتها وأبنية سائر هذه المدن من طين، ويستعمل فيها الجص والحجارة أيضا، وهى من العمران والسّعة والخصب واشتباك الأبنية على التمام. وأما كازرون والنوبنجان فهما متقاربتان فى الكبر، إلا أن بناء كازرون أوثق وأكثر قصورا وأصح تربة وهواء، وليس بجميع فارس أصح هواء وتربة من كازرون، ومياههم من الآبار، وهى مدينة خصبة واسعة الثمار، وأخصب مدن كورة سابور كازرون، والنوبنجان أكبر منها.
وأما كورة دارابجرد فإن أكبر مدنها فسا، وهى مدينة مفترشة البناء واسعة الشوارع، تقارب فى الكبر شيراز إلا أنها أصح هواء من شيراز، وأوسع أبنية منها، وبناؤهم من طين، وأكثر الخشب فى أبنيتهم السرور، وهى مدينة قديمة، ولها مدينة عليها حصن وخندق ولها ربض وأسواقها فى ربضها، وهى مدينة يجتمع فيها ما يكون فى بلاد الصرود والجروم، من الثلج والرطب والجوز والأترجّ وغير ذلك؛ وأما سائر المدن من كورة دارابجرد فإنها كلها عامرة خصبة. وأما مدن أردشير خرّه فإنّا قد ذكرنا جور وشيراز، وأكبر مدينة بها بعد شيراز سيراف، وهى تقارب شيراز فى الكبر، وبناؤهم بالساج وخشب يحمل من بلاد الزنج، وأبنيتهم طبقات، وهى على شفير البحر مشتبكة البناء كثيرة الأهل، يبالغون فى نفقات الأبنية، حتى إنّ الرجل من التجار لينفق على داره زيادة عن ثلاثين ألف دينار، وليس حواليها بساتين وأشجار، وإنما سعتهم «١» وفواكههم وأطيب مياههم من جبل مشرف عليهم يسمى جمّ، وهو أعلى جبل بقربها يشبه الصرود، وسيراف أشد تلك المدن حرا. وأما أرّجان فإنها مدينة كبيرة كثيرة الخير، بها نخيل كثيرة وزيتون وفواكه الجروم، وهى بريّة بحريّة سهلية جبليّة، وماؤها سيح، وبينها وبين البحر مرحلة؛ وأكبر مدن فارس شيراز، ثم تليها فى الكبر فسا، ثم تليها فى الكبر سيراف، وتلى سيراف فى الكبر أرّجان، وتلى تلك «٢» توّج وسابور واصطخر وكثه ودارابجرد وجور وجنّابة والنّوبنجان «٣» والغندجان، وهى متقاربة فى الكبر؛ وتوّج مدينة شديدة الحر فى وهدة، بناؤها طين، وهى كثيرة النخيل؛ والنّوبنجان مدينة حارة فيها نخيل قليلة، وبقربها شعب بوّان مقدار فرسخين قرى ومياه متصلة، قد غطت الأشجار تلك القرى حتى لا يراها الإنسان إلا أن يدخلها، وهى أنزه شعب بفارس، وهى من الصرود. وجنّابة وسينيز «٤» ومهروبان على البحر شديدة الحر، وبها نخيل وما يكون فى الجروم من الفواكه.