فى حدّ أصبهان هم من هذا الزم فانتقلوا عن فارس، إلا أن لهم فى حدود فارس ضياعا كثيرة، وكان رئيسهم موسى بن عبد الرحمن ثم صارت لموسى بن مهراب، وصارت بعده لابنه أبى مسلم محمد بن موسى ومن بعده لأخيه فارس بن موسى، ومن بعده لأحمد بن موسى، والرئاسة فيهم إلى يومنا هذا.
وأما من صلح من الفرس للدواوين من الكتّاب والعمال والأدباء فإن منهم عبد الحميد بن يحيى، وكان له فى بنى أمية ولاء ينسب إليهم، وكان من كتابته واستقلاله ما أغنى عن ذكره لاشتهاره، ومنهم عبد الله بن المقفع، كان فارسيا أقام بالبصرة، وقتل فى أيام المنصور بالبصرة، وكان كتب أمانا لعبد الله بن على من المنصور، فشرط فيه براءة المسلمين من بيعته لو خان فى أمانه «١» ، فوجد المنصور عليه فأمر عامل البصرة بقتله سرا فقتله سرا، ومنهم سيبويه وكان مقيما بالبصرة، ويقال إنه من أهل اصطخر فأقام بالبصرة، إلا أنه مات بفارس، وقبره بشيراز بباب يعرف بباب إبرذه فى مفترشة يعرف بالمزدكان، وله (الكتاب) المنسوب إليه فى النحو؛ والفرس هم شحنة دواوين الخلافة والعمّال الذين بهم قوام السياسة، من الوزراء وسائر عمال الدواوين، منهم البرامكة وآل ذى الرئاستين وإلى يومنا هذا من المادرائيّين والفيريابيين وسائر شحنة الخلافة من أولاد الفرس، الذين انتقلوا إلى السواد فى أيام الأكاسرة فأقاموا فى أرض النبط، وأما قوادها فمنها وهم أولاد الفرس «٢» ، وليس فى سائر دواوين الإسلام ديوان هو أصعب عملا وأكثر أنواعا من ديوان فارس، لاختلاف ربوعها وتقارب «٣» الأخرجة على أصناف زروعها واختلاف أبواب أموالها، وتشعب الأعمال بها «٤» على المتقلدين لها، حتى لا يكاد يبلغ الرجل الواحد الاستقلال بتلك الأعمال كلها إلا فى الفرد، وما علمنا أحدا منهم جمع من العلم بأبواب «٥» الدواوين إلا نفرا يسيرا، منهم المعلى «٦» بن النضر كاتب الحسن بن رجاء، وكان من أهل العراق توطن شيراز فمات بها، وكذلك الحسن بن رجاء جمع له الحرب وأعمال الدواوين، مات بشيراز وقبره عند دار الأمارة يعرف بدار هدّاب «٧» بن ضرار المازنى، التى كان المأمون ابتناها لما أرجف باختياره بفارس، ويكنى المعلى بأبى على، فكان يتقلب فى أعمال الدواوين نحو خمسين سنة، وعاش بعد الحسن بن رجاء نحوا من ست سنين؛ وماهان بن بهرام من أهل سيراف كتب لعلى بن الحسين بن بشر «٨» ومحمد بن واصل وجمع له الدواوين فاستقل بها؛ وأخوه كامل بن بهرام ويكنى بأبى الليث، كان لا يوصف فى الاستقلال إلا بديوان الرسائل فقط؛ ومنهم الحسن بن عبد الله ويكنى بأبى