وفيما يختص ببلاد المغرب يبين الكتاب الثروة الزراعية والمعدنية لكل مدينة مثل: حرير قابس، وزيت سفاقص الذي يصدر إلى صقلية وإيطاليا وفرنسا (الأرض الكبيرة) ، ومنسوجات سوسة، وأسماك بنزرت، ومرجان طبرقة، وتمر الواحات وبلاد الجريد، وذهب البلاد الواقعة بين الواحات ومصر، وفستق قفصة، وقمح باجة، وصوف وجّة، ونحاس فاس، وزيت مكناسة وضواحيها، وجلد اللمط والملح ثم السكر، بصفة خاصة، التى اشتهرت بها بلاد السوس، والتى كانت تصدرها إلى كل بلاد المغرب والأندلس وإفريقية، وكذلك النحاس المصنوع والعسل والنبيذ والدقيق والعنبر الممتاز. وعندما يتكلم عن بلاد السودان يستطرد فى ذكر الشب الأبيض وحجر المغناطيس.
ومن الناحية التاريخية يحتوى الكتاب على معلومات مختلفة فى طبيعتها، وفى قيمتها: كالقصص التاريخية القديمة المنقولة عن كتب معروفة أو مفقودة وهى من طبقة الأساطير ذات القيمة الأدبية فقط؛ ومثل الوثائق التاريخية المعاصرة ذات الأهمية البالغة.
والقسم الأول الذي يصف الأماكن المقدسة بشكل مطول مهم بالنسبة لتاريخ الفن، ولا سيما إذا نظرنا بعين الاعتبار إلى ندرة المصادر الخاصة بالآثار، مما يجعل مهمة مؤرخ الفن من الصعوبة بمكان.
والقسم الخاص بمصر يعطينا فكرة عن الروح التى كانت تسيطر على مفهوم تاريخ مصر القديمة: فكل ما هو قديم ينبغى أن يكون عجيبا دون اعتبار للوثائق الأكيدة الموجودة فى متناول الأيدى. وهكذا قيل إن الرصاص استعمل بدل الملاط فى بناء الأهرام؛ وكان يكفى النظر فى هذه الآثار للتأكد من أن الأمر ليس كذلك. وترتب على هذه الفكرة أن أصبح الجزء الثانى من الكتاب- على عكس الجزء الأول الجاف- ذا صبغة أديبة بصفة خاصة.
والفصل الخاص بمدينة الإسكندرية مهم جدا؛ ففيه يصف المؤلف المنار المشهور بإسهاب، ويبين موقع المدينة من الناحية العسكرية، وكيف أنها كانت هدفا لتهديدات الأعداء التقليديين النصارى، وخاصة الصقليين