مدينة الفرما: وهى مدينة كبيرة قديمة أزلية فيها آثار كثيرة عجيبة تدل على أنها كانت دار مملكة. ويقال إن الذي بناها هو الفرما الملك، ويذكر أهل مصر أن [ابن] المدبر لما ولى مصر وجه إلى الفرما لهدم أبواب من رخام بها فى شرقى الحصن احتاج إلى أن يعمل منها فرشا فى داره فمنع من ذلك أهل الفرما، وخرجوا إلى رسله بالسلاح، وقالوا هذه الأبواب التى ذكرها الله تعالى على لسان يعقوب:«يا بنى لا تدخلوا من باب واحد وأدخلوا من أبواب متفرقة» . ومن عجائب الدنيا نخل الفرما فإنها تثمر حين ينقطع البسر والرطب من جميع البلاد، فيكون رطب نخل «ا» الفرما بكانون الأول حين تلد النخل فى كل مكان فلا ينقطع ٤ أشهر، ولا يوجد هذا فى بلد من البلاد سوى الفرما؛ وهو «ا» تمر كبير يوجد فى وزن التمرة ٢٠ درهما وطولها فتر «١» .
مدينة رشيد: وهى مدينة كبيرة على كثيب رمل عظيم، إذا هبت الريح الغريبة، وهى تشتد عندهم، ملأت عليهم سككهم وبيوتهم رملا فلا يقدرون على التصرف فى أسواقهم. وهم على ضفة النيل قرب البحر، ومن أعجب منتزهات الدنيا ضفة النيل من مصر إلى مدينة رشيد هذه، ولا غلة لثمار الأرض كغلة هذه الناحية. قال أبو عبيد البكري أن رجلا أخبره، من أهل تلك النواحى، أنه رأى ضيعة ما «ب» لأحد المصريين تغل فى رمانها وموزها خاصة ١٥ ألف مثقال فى العام «٢» . قال، وهناك كانت ضيعة الليث بن سعد «ج» رحمه الله، قال قتيبة سمعت الليث بن سعد يقول:«يدخل «د» على فى كل سنة ٥٠ ألف دينار ما وجبت عليها الزكاة قط، يعنى أنها من الفواكه التى لا «ر» تجب فيها الزكاة «٣» .