مقابر الأولين واحتفر قبرا منها واستخرج جمجمة عظيمة، فوضعها فى العجلة فما جرها الثوران إلا بعد مشقة وجهد، فجاءه فقال أصلح الله الأمير إن أعطيتنى من تكون رؤوسهم مثل هذا الرأس بنيت لك مثل هذا القصر، فعلم أنه لا يقدر على ذلك «١» . وقال حمزة بن محمد أيضا: رأيت بالاسكندرية قصابا عنده ضرس يزن به اللحم زنته ٨ أرطال «٢» . وكان بالإسكندرية دار ملعب قد تهدم أكثرها، وكانت قد بنيت بضروب من الحكمة، وكانوا يجلسون فيها لقضاء حوائجهم، فكان كل جالس فيها إنما جلسوه تلقاء وجه صاحبه ولا يخفى على أحد منهم شئ من حال غيره، يتساوى قريبهم وبعيدهم فى ذلك. وكان لهم يوم مهرجان يجتمعون فيه فى هذا الملعب، ويحضره رؤساؤهم وأبناء ملوكهم وعامتهم، ويلعب فيه الصبيان «ا» والفتيان بالصوالج وبينهم كرة «ب» . فإن دخلت تلك الكرة كم رجل ممن حضر فى ذلك اليوم فلابد له من ولاية مصر؛ كان هذا عيدهم معروف لا ينكره أحد. وكان عمرو بن العاص رحمه الله قد سافر إلى الإسكندرية فى الجاهلية تاجرا بالقطن والأدم، فحضر ذلك الملعب فى ذلك اليوم، فلعبوا فيه بالكرة فدخلت كم عمرو بن العاص حتى أتى «ج» الله بالإسلام فكان ما قدر الله تعالى من دخول عمرو مصر وولايتها ٣ مرات «٣» .
والإسكندرية تعجب كل من رآها لبهجتها وحسن منظرها، وارتفاع مبانيها وإتقانها وسعة شوارعها وطرقاتها. وهى برية بحرية، وفيها من النعم والأرزاق والفواكه ما ليس ببلد مع طيب هوائها وتربتها. وقد ذهب بعض المفسرين