للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن إرم ذات العماد هى الاسكندرية «١» . وقال الناظرون فى الأعمار فى جميع الأقاليم والأمصار: لم تطل أعمار الناس فى بلد من البلدان كطولها بمريوط ووادى فرغانة؛ ومريوط قرية من قرى الإسكندرية بالقرب منها؛ وهى كبيرة ولها بساتين كثيرة «ا» ومنها تجلب الفواكه إلى الإسكندرية. ويروى أن عوف بن مالك حين دخل مدينة الإسكندرية قال لأهلها «٢» : «ما أحسن مدينتكم» ، فقالوا له إن الإسكندر حين بناها قال: «أبنى مدينة إلى الله فقيرة وعن «ب» الناس غنية» فبقيت بهجتها على مر الدهور. وكان الفرما أخو الإسكندر بنى مدينة الفرما وقال: «إنى أبنى مدينة عن الله غنية وإلى الناس فقيرة» ، فذهبت بهجتها ولا يزال ينهدم منها كل يوم شئ لا يجبر أبدا «٣» ويقال إن عمر بن عبد العزيز لما دخل الإسكندرية، وكان إذ ذاك والى مصر، ورأى عظمتها وسعة آثارها وعلم أنها كانت مدينة كبيرة قال لعاملها وكان من أهلها: «أخبرنى كم كان عدد سكان الإسكندرية فى أيام الروم» ؛ فقال له: «والله لا أدرك علم ذلك أحد إلا الله وحده، ولكنى أخبرك كم كان عدد رؤسائهم ورؤسائها وملوكها فإن ملك الروم أمر بإحصائهم، وكتب ذلك فى تواريخهم وكتبهم، فوجدهم ٦٠٠ ألف ملك «٤» .

والدليل على عظم شأنها وكثرة ملوكها أن المطر إذا نزل فيها نزولا شديدا وسال ترابها مع الماء، خرج من فيها من الرجال والنساء والصبيان والضعفاء يلتمسون حواليها، فيجدون قطع الذهب والفضة من الحلى وغيره والياقوت والزمرد وأنواع الجواهر، وليس يرجع أحدا منهم بغير شىء.