يوم الرملة؛ وقد كان خرج معهم إلى لقاء الأعداء الروم فهربوا وتركوه، وكاد أن يقتل أو يؤسر، وأخذ له جميع ما كان معه من عدد وأمتعة، وذلك سنة ٥٧٢.
فلما سمع الأجناد «ا» قالوا: صدق ونحن تائبون ونحلف له «١» . فدخل تقي الدين مع الأمراء وأشياخ الأجناد على يوسف، وحلفوا له كلهم فى المصاحف أنه لا يشرب أحد منهم كأس خمرة أبدا ولا يرتكب معصية. فلما حلفوا كلهم.
فرح يوسف بذلك وأرسل إلى الرسل، فاجتمع الرسل مع تقي الدين ومع على بن يوسف بن أيوب وجماعة أشياخ الأجناد فاشترطوا شروطا كثيرة فى مصالحتهم: منها ألا يؤخذ من أحد مكس؛ وأن ترد بعض البلاد. فغضب الرسل ووقع بينهم كلام كثير وقالوا بيننا وبينكم السيف، فاستخف الرسل بكلامهم وفارقوهم، فقامت قلوب المسلمين وليقضى الله أمرا كان مفعولا.
وخرجوا بنيات صادقة وعزائم ناجحة، فأخذوا طبرية من فورهم، وبقيت قصبتها لأنها مانعة جدا «٢» . ووصل الروم دمرهم الله فى جمع حفيل طامعين فى المسلمين، فمنعهم المسلمون الماء، فعزموا على المقاتلة؛ وصفت الصفوف غرة جمادى الأول، وقيل إن المقابلة كانت فى يوم الجمعة ال ٢٠ من ربيع الآخر [٢٩ يونيه] ، فكان يوما عظيما، دفع عليهم الروم دمرهم الله ١١ دفعة والمسلمون بحمد الله ثابتون، فدفع عليهم المسلمون دفعة واحدة فلم يقف منهم أحد، فهم بين أسير وقتيل؛ وأحصى عدد من قتل وأسر ٢٢ ألفا. وأخذ ملوك الروم أسارى وأعيانهم وصاحب الكرك والشوبك، وقد كان هذا اللعين صالح يوسف ابن أيوب وغدره، فلما مثل بين يديه فى جملة الأسارى، لم يتمالك أن قام يوسف بن أيوب فقتله بخنجر كان بيده «٣» . ثم قاتل يوسف قصبة طبرية فرغبوا فى المصالحة، فحصن البلد وقصبته وبعث الأسارى إلى دمشق «٤» ؛ وأسرع السير إلى عكة فدخلها صلحا وأخرجهم منها دون سلاح ولا عدة «٥» .
وقد كان سيف الدين، أخو يوسف المذكور، حصر يافا ودخلها صلحا،