قال: الناظر هذه مدينة الإسكندرية يطمع فيها عدو صقلية أبدا، ويجشم مراكبه بأهوال تصيبه عليها؛ فمنها ما أدركته عشية العاشر «ا» من محرم سنة ٥٧٠ [- ١١ أغسطس ١١٧٤] . وذلك أنه احتفل فى مراكب كثيرة ونزل فى ساحلها وحصن ما قدر وعزم على محاصرة البلد، فما كان إلا أن عزم على المقارعة حتى صاح فى الأعداء صائح وصرخ بينهم صارخ فولوا مدبرين «١» ، وقتل بعضهم والحمد لله رب العالمين.
وفتح الله تعالى ببركة هذا الأمر «ب» العزيز على المسلمين بديار مصر، عندما سمح بخاطر أمير البلاد بها، وهو يوسف بن أيوب الكردى، المخطط بصلاح الدين، أن يخاطب الخليفة الإمام أبا «ج» يوسف يعقوب «د» بن الإمامين الخليفتين رضه أجمعين؛ فهزم روم الشام واستأصل شأفتهم، وفتح بيت المقدس شرفها الله، وجميع تلك البلاد التى كانت بأيدى أعداء الله. ونص الرسالة الواردة بصورة فتح، كلام مختصر من كتاب وصل من الإسكندرية «ر» ، تاريخه فى العشر الوسط من شعبان المكرم سنة ٨٣ [٥][- أكتوبر ١١٨٧] ، يصف ما سناه الله تعالى ويسره بقدرته من الفتوحات فى الروم دمرهم الله تعالى «٢» . وذلك أن رسل ملكهم وصلوا إلى دمشق فى الصلح، فأراد يوسف بن أيوب أن يصالحهم ويعقد لهم الصلح على أن يدفع لهم ١٠٠ ألف أردب من القمح مع المضاف إليه، وكان بن أخيه، المخطط عندهم بتقى الدين، قد تصاهر مع أمير التركمان وجاء بخلق كثير من الأتراك، فلما عاين عمه يريد الصلح عز عليه ذلك وغضب. فسأله عمه عن شأنه فقال له: يأتى الناس متطوعين مسارعين للجهاد وتصالح أنت الأعداء الروم، ماذا يقوله أهل العراق وأهل الأمصار عنا. فقال يوسف لابن أخيه: تعرف ما صنع أصحابنا