للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بساتينهم. وكان بها قصر عظيم مطل على البحر يسمى قومس «١» ، وهو من أعجب ما فيها، لأنه مبنى على سوارى رخام مفرطة الكبر والعظم- يجلس على رأس السارية ١٢ رجلا بينهم سفرة طعام أو شراب- وهى مشطبة، كالثلج بياضا، يكون دور السارية منها نحو ال ٣٠ شبرا فى علو مفرط، وعليها سوارى أخر معترضة. وقد بنى القصر على أقباء معقودة بعضها فوق بعض بأغرب صناعة وأحكم بناء، فكان هذا القصر حصنا وإنما هدم من عهد قريب؛ وذلك أنه تحصن فيه قوم من القطاع، فكانوا يقطعون بتلك الجهات، ويلجأون إليه، فخرج إليهم أهل تونس وقتلوهم وهدموا القصر.

وبقربه موضع فيه أقباء ودهاليز تحت الأرض يهاب الدخول فيها؛ وفيها جثث الموتى على حالها، فإذا مست تلاشت لقدمها «ا» .

وداخل ميناء المدينة تدخله المراكب «ب» بقلوعها. وفيها مواجل كثيرة للماء، وبعضها تسمى مواجل الشياطين، بسبب [أن] من يقرب منها يسمع فيها دويا. والناس يتقايسون «ج» فى الدخول فيها، فمن جسر على الدخول فيها، علم أنه جرئ «د» قوى القلب. وقد دخلتها بالنهار مع أصحاب لى «ر» ، فرأيت منظرا هائلا، من تكلم فيها بأدنى كلمة يسمع لها دوى عظيم؛ وأغرب ما رأيت فيها الماء باق إلى الآن. وليس يدخلها ماء المطر وذلك لاحكام سطوحها؛ وهى ١٨ صهريجا منفوذة بعضها إلى بعض، فى ارتفاعها نحو ال ٢٠٠ ذراع، فى عرض كبير. وفيها من الماء نحو ال ٦ قيام، ولا يعلم من أين يدخل «س» ذلك الماء. وكذلك ذكر أبو عبيد [الله] البكرى، فى كتاب المسالك والممالك، أن أغرب ما فى قرطاجنة الماء الذي فى المواجل المعروف بمواجل الشيطان، الذي لا يعلم له عهد «ص» .

ومن عجائب الدنيا بنيان القناة التى كان يأتى فيها الماء المجلوب من عين جفان إلى مدينة قرطاجنة على مسيرة ٥ أيام؛ وهى قناة عظيمة كان يأتى عليها ماء كثير ب ٥ أرحاء أو أكثر. وعرض القناة نحو ٨ أشبار، وارتفاع مائها