وقاعدة بلاد المغرب مدينة فاس- كلأها الله «١» : هى أعظم مدينة من مصر إلى آخر بلاد المغرب، ومدينة فاس مدينتان كبيرتان مفترقتان، يشق بينهما نهر كبير يسمى بوادى فاس، يدور عليها سور عظيم. وبين المدينتين قناطر كثيرة، وتطرد فيها جداول ماء لا تحصى، تخترق كلتى المدينتين تسمى بالسوانى «ا» لابد لكل دار من ديار المدينتين منها. وفيها عيون كثيرة لا تحصى عددا، وفيها من أرحية «ب» الماء نحو ٣٦٠ رحى، وهى فى المزيد، وربما وصلت ٤٠٠؛ والنهر الذي يخترق مدينة فاس ينبعث من عين عظيمة لها منظر عجيب، فيها نحو ال ٦٠ فوارة، فى دائرة، يجتمع منها هذا النهر الكبير، بينها وبين المدينة نحو ١٠ أميال فى بسيط من الأرض، يكاد لا يتبين جرى الماء فيه لاستواء أرضه.
ومدينة فاس محدثة، أسست عدوة الأندلس فى سنة ١٩٢ [- ٨٠٨] ، وعدوة القرويين فى سنة ١٩٣ [- ٨٠٩] فى ولاية إدريس بن إدريس الفاطمى؛ ومن ذريته بفاس إلى اليوم ونحن فى سنة ٥٨٧ [- ١١٩١] . ومدينة فاس اليوم فى نهاية العمارة والصلاح، قد بنيت أكثر جناتها الملاصقة لها دورا، وأضيفت إليها.
وفيها اليوم ٣ جوامع للخطبة: جامع عدوة الأندلس، وهو جامع كبير متقن البناء، يقال إن ابن عامر زاد فيه، وجامع عدوة القرويين، جامع كبير أكبر من جامع الأندلس، وزيد فى «ج» هذه المدة فى هذا الجامع باب كبير مشرف جميل المنظر، [و] من جهة الجوف سقاية متقنة البناء ملاصقة له، ماؤها من الوادى، وجلب لها ماء عين هو فى أيام الحر فى نهاية البرودة، وفى أيام البرد فيها بعض الحرارة. وكذلك صنعت فى جوف جامع القرويين سقاية متقنة البناء، ومياه جارية مع عتبة الباب الجوفى «د» ، وفوارة فى بيلة «ر» مرتفعة نصف قامة داخل