للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الجريد: قسطيلية وغيرها. ويسمون الكنافين عندهم المجرمين، والبناؤون عندهم يهود لا يتجاوزون بهم هذه الصناعة؛ وكذلك كانوا ببلاد بنى الناصر.

قال الناظر كان هذا فى الزمان المتقدم، وأما الآن فهم تجار أهل هذه البلاد كلها وأغنياؤها وخاصة بمدينة فاس فإنى عاينت منهم من يقال إن عنده المال الممدود رجالا كثيرين. وقد كان تنبه لهم الأمر العالى أيد الله دوامه سنة ٨٢ [٥] [- ١١٨٦] فلبس «ا» المرتشون وشوش المشوشون وخوف المفتشون، فأرجأ القدر السابق هذا إلى نهاية أمد عزهم وابتداء نكستهم إن شاء الله وذرهم وهى سنة ٥٧١ من «ب» الهجرة. والسبب فى تسخير أهل سجلماسة لليهود فى هاتين الحرفتين الرذيلتين كونهم محبين فى سكنى بلدهم للاكتساب لما علموا أن التبر بها أمكن منه بغيرها من بلاد المغرب لكونها بابا لمعدنه، فهم يعاملون التجاربه ليخدعونهم بالسرقة وأنواع الخدائع. ولما علم منهم أبو عبد الله الداعى ما هم عليه من ذلك عند استخراج عبيد الله من سجن اليسع بن مدرار بها، وكان الذي نص عليه ونم به لليسع يهودى وحكى عبيد الله لأبى عبد الله ما جرى له معه، قتل منهم الأغنياء وأخذ أموالهم بالعذاب، وأمر من شاء أن يقيم منهم بالبلد فى أن يتصرف فى هاتين الخلتين، فمن دخل فى الكنّافين من أصناف الناس سموهم المجرمين لاجترامهم على حرفة موقوفة على اليهود.

وقصروا البناء عليهم خاصة لأنهم خائفون أبدا من أن يخون أحدهم المسلم فيهلكه، فهم ينصحونهم فى البناء ويلازمون الخدمة دون خروج لفرائض الصلوات ولا لغير ذلك من ملازم العبادات، فتأتى خدمتهم موفرة سريعة.

وهم الآن قد مازجوا المسلمين وداخلوهم وهو العز الذي كانوا يرتقبونه فى سالف الأزمان، وبعده الزلة الدانية لهم القاصمة إن شاء الله لظهورهم، المستأصلة لشأفتهم عما قريب كما قدمنا.

ذكر السبب فى ثورة الداعى ودخوله سجلماسة «١» : كان الداعى محققا لوجود الإمام المهدى، جاهلا لزمنه طامعا أن يصادفه لمحبة المرء فى نفسه.