دار الأمة وهى الآن معلومة بها، ثم اختط سورها ولده على سنة ٥١٤ [- ١١٢٠] ؛ وفتحها الخليفة أمير المؤمنين رضه يوم السبت بعد صلاة الظهر ١٨ من شوال سنة ٥٤١ [- ٢٤ مارس ١١٤٧] . وعلى ٣ أميال منها وادي تنسيفت، منبعه من بلد دمنات «ا» ، يصب فيه وادى وريكة ووادى نفيس وأودية كثيرة، ومصبه فى ساحل رباط جوز «ب» ويدخله الشابل الكثير الطيب.
وهى مدينة طيبة التربة كأنها غطاء من حجر على حجر، عذب ماؤها قريب من قامة أو قامتين؛ وبساتينها تسقى من آبار منتفد بعضها ببعض حتى تخرج على وجه الأرض. وبينها وبين درن نحو ال ٢٠ ميلا، وهى كثيرة الزرع والضرع تحرثها دكّالة وجنتها نفيس، وحولها من البساتين والجنات التى يسمونها البحائر لعظمها ما لا يحصى كثرة؛ وإنما بناها واضعها ليملك منها جبل درن لكثرة من يعمره، وكان خروج هذه الشرذمة الصحراوية لقتال براغواطة الكفار المرتدين عن ديانة الإسلام.
وكان إسلام قبائل الصحراء سنة ٤٣٥ [- ١٠٤٣] وخروجهم سنة ٤٥٠- ١٠٥٨] أو نحوها فقتل زعيمهم الذي أخرجهم ببلد برغواطة بموضع يسمى تيلمت، وبنى على قبره مسجد وولى بعده أبو بكر بن عمر اللمتونى المحمدى وبقى إلى سنة ٤٥٧ [- ١٠٦٥] قبل أن ينخلع ويولى يوسف بن تاشفين، ويطلق زوجته زينب بنت ابراهيم النفزاوى «١» . ولم يكن فى زمانها أجمل منها ولا أعقل ولا أظرف، فتزوجها بعده يوسف وبنى لها مراكش، وسار أبو بكر بن عمر إلى الصحراء فقاتل السودان فرشقه سهم فمات. ومدينة مراكش اليوم من أعظم مدن الدنيا بهجة وجمالا بما زاد فيها الخليفة الإمام وخليفته أمير المؤمنين أبو يعقوب وخليفتهما أبو يوسف رضهم، فإن الخليفة الإمام بنى فيها جامعا عظيما «٢» ثم زاد فيه مثله أو أكثر فى قبلته؛ كان قصرا، ورفع بينهما المنار العظيم الذي لم يشيد فى الإسلام مثله، وأكمله ابنه وخليفته أبو يعقوب رضه. وجلب الخليفة الإمام المياه من أودية درن وغرس بحيرة عظيمة بغربى المدينة قبل نفيس دورها ٦ أميال، وبنى فيها