وخارجها صهريجين عظيمين كنا فى تلك المدة نعوم فيهما فلا يكاد القوى منا يقطع الصهريج إلا عن مشقة، وكنا نتفاخر بذلك. وأحدث الخليفة بعده ابنه أبو يعقوب رضه بحائر مثلها فى الغرس بل أجمل، وجلب لها المياه وأخذها فى صهاريج أعظم من المتقدمة، وزاد فى قبلة المدينة حصنا أنفذه الآن ابنه الإمام الخليفة أبو يوسف رضه، وزاد عليه مدينة أخرى تقارب الأولى فى دورها؛ وكانت بحائر عظيمة فبناها قصورا وجامعا وأسواقا وفنادق، وجلب التجار إلى قيسارية عظيمة لم يبق فى مدن الأرض أعظم منها، وأمر بعمارتها أول سنة ٥٨٥ [١١٨٩] . ومدينة مراكش أكثر بلاد المغرب جنات وبساتين وأعناب وفواكه وجميع الثمرات، وكانت قبل ذلك يطير الطائر حولها فيسقط من العطش والرمضاء، وأكثر شجرها الزيتون ففى مراكش اليوم من الزيتون والزيت ما تستغنى به عن غيرها من البلاد وتمير بلادا كثيرة، وكان زيتها قبل اليوم دهن الهرجان «ا» لأنه بتلك البلاد كثير جدا. وزيتون مراكش أكثر من زيتون مكناسة وزيتها أرخص وربما أطيب.
ومما شرف به سيدنا ومولانا أمير المؤمنين أبو يوسف حضرته المكرمة رضه أن أرسل فى وسط المدينة ساقية ظاهرة ماؤها ماء قصره المكرم، تشق المدينة من القبلة إلى الجوف، وعليها السقايات لسقى الخيل والدواب واستقاء الناس، فهى اليوم أشرف مدن الدنيا وأعدلها هواء. ومن بركاته «ب» وضع دار الفرج فى شرقى الجامع المكرم، وهو مارستان المرضى، يدخله العليل فيعاين ما أعد فيه من المنازه والمياه والرياحين والأطعمة الشهية والأشربة المفوهة «ج» ، ويستطعمها ويسيغها فتنعشه من حينه بقدرة الله تعالى. وكان فى سنة ٥٨٥ [- ١١٨٩] قد استدعى العلماء ورواة الحديث وأمر بتدريس حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -.
مدينة فروجة «د»«١» : يسمونها أفروجى، بينها وبين مراكش مرحلة، وهى فى بطحاء كثيرة المياه والفواكه والخيرات. وبالقرب منها مدينة