تامروت «١» بينهما نحو مرحلتين. وهى مدينة لطيفة طيبة الهواء والماء، ومنها يرقى إلى جبل درن «٢» ، ويقال إنه أكبر جبال الدنيا وإنه يتصل بجبل المقطم الذي ببلاد مصر، وفيه قبائل كثيرة من المصامدة، ويقال إنهم من العرب قد دخلوا تلك البلاد وسكنوا تلك الشعاب فى الفتنة الواقعة عند هزيمة ميسرة التى تسمى غزوة الأشراف «٣» ، فكان البربر يطلبون العرب فتوغلوا فى تلك الجبال وتناسلوا فهم أهلها على الحقيقة لأنهم أحيوها. قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من أحيا أرضا ميتة فهى له ولعقبه» . وجبل درن أخصب البلاد وأكثرها أنهارا وأشجارا وأعنابا؛ وفيه أمم لا تحصى من المصامدة وأكثر عيشهم إنما هو من العنب والزبيب والرّب، وهم لا يستغنون عن شربه لشدة برد الجبل وثلجه؛ وخلفه بلاد السوس.
ذكر بلاد السوس الأقصى «٤»
وهى مدن كثيرة وبلاد واسعة يسقيها نهر عظيم يصب فى البحر المحيط يسمى وادى ماسة «ا» وجريه من القبلة إلى البحر كجرى نيل مصر، وعليه القرى المتصلة والعمائر الكثيرة والبساتين والجنات بأنواع الفواكه والثمار والأعناب وقصب السكر. ولم يتخذ الساكنون على هذا الوادى قط رحى فإذا سئلوا عن ذلك قالوا: كيف يتخذ هذا الماء المبارك فى إدارة الأرحاء، وهم يتطييرون بها «ب» . وعلى هذا النهر قرية كبيرة جدا تعرف بتارودانت «٥» ، وهى أكثر