بلاد الله قصب سكر وفيها معاصر السكر كثيرة. وهذا البلد أخصب بلاد المغرب وأكثرها فواكه وخيرات، ومنها يجلب السكر إلى جميع بلاد المغرب والأندلس وإفريقية وهو المشهور بالطبرزد «١» المذكور فى كتب الطب. وعلى مصب هذا الوادى فى البحر رباط مقصود له موسم عظيم ومجتمع جليل وهو مأوى للصالحين. ومن وادى سوس إلى مدينة نول ٣ مراحل فى عمارة متصلة يسكنها جزولة ولمطة، وهم أمم كثيرة.
وقاعدة بلاد السوس مدينة أيجلى «٢» وهى مدينة عظيمة كبيرة قديمة أزلية فى سهل من الأرض على النهر الكبير المذكور، وهى كثيرة البساتين والتمر وجميع الفواكه، ربما بيع حمل التمر بما دون كراء الداية من الجنان إلى السوق، وقصب السكر بها كثير وله بها معاصر كثيرة، وأكثر شرب أهلها إنما هو ماء قصب السكر «ا» ؛ ويعمل بها النحاس المسبوك يتجهز به إلى بلاد السودان.
ووصل عقبة بن نافع إلى هذه المدينة عند دخوله إلى بلاد المغرب، وافتتحها فأخرج منها سبيا لم ير مثله حسنا؛ كانت تباع الجارية الواحدة منهن «ب» بألف دينار وأكثر لحسنها وتمام خلقها. ويعمل بهذه المدينة زيت الهرجان «ج» وشجره يشبه الكمثرى إلا أنه لا يعلو كعلو شجرة الكمثرى ولا يفوت اليد، وأغصانه نابتة من أصله لا ساق لشجرته ولها شوك وثمرته تشبه الأجاس المعروف عندنا بالعبقر، فيجمع ويترك حتى يذبل ثم يوضع فى مقلاة فخار على النار فيستخرج دهنه، وطعمه يشبه طعم القمح المقلو، وهو جيد محمود الغذاء يسخن الكلى ويدر البول. وبالسوس عسل يفوق عسل جميع الأمصار، يلقى النبيذيون على الكيل منه ١٥ كيلا من الماء وحينئذ يأتى نبيذا، وإن كان الماء أقل من ذلك بقى حلوا ولا ينحل إلا بالماء الشديد الحرارة، ولونه أخضر فى لون الزمرد «٣» .