العدد الكثير. حدث رجل ثقة من المسافرين فى ذلك الطريق أن قوما انزلقوا فى بعض طريق تيرقى فغرسوا متاعهم، وبذلك الطريق الأرضة كثيرة وهى تفسد ما وجدت من متاع أو غيره، ولها بذلك الطريق أجحار وتخرج من التراب أكواما فوق أجحارها، ومن العجب أن ذلك التراب يرى ندى والماء هناك غير موجود على أبعد حفره، فلا يضع التجار أمتعتهم إلا على الحجارة المجموعة أو الخشب. فلما نزل أولئك التجار بذلك الموضع ارتاد كل واحد منهم لمتاعه حزنا من الأرض أو حجرا، فبدر أحدهم بالليل إلى صخرة كبيرة فيما ظن فأنزل عليها متاعه وكان وقر بعيرين، ثم نام بقرب رحله فلما انتبه من نومه سحرا لم يجد الصخرة ولا ما كان عليها، فارتاع فنادى بالويل والحرب فاجتمع إليه أهل القافلة يسألونه عن خطبه، فأخبرهم. فقالوا لو طرقك لص لذهب بالمتاع وبقيت الصخرة، فنظروا أثر سلحفاة ذاهبة بالموضع فاقتفوا أثرها ومشوا أميالا حتى أدركوا السلحفاة وحمل المتاع على ظهرها وهى تنهض به فى غير تكلف. فاعجب من عظم هذه السلحفاة التى تحمل وقر جملين.
ومدينة تيرقىّ على النيل ومن هناك يرجع نحو الجنوب. ويلى مدينة تيرقى إلى ناحية المغرب مدينة تادمكة «١» : وهى مدينة كبيرة بين جبال وشعاب وهى أشبه البلاد بمكة كرمها الله؛ ومعنى تاد عندهم هيئة: على هيئة مكة.
وأهلها بربر مسلمون وهم يتنقبون كما يتنقب بربر الصحراء، وعيشهم من اللبن واللحم وليس عندهم قمح ولا شعير، وعندهم حب تنبته الأرض من غير حرث يشبه الذرة. ولباسهم الثياب القطن المصبّغة، وملكهم يلبس الثياب الملونة فتكون عمامته حمراء وقميصه أصفر وسراويله زرق وما أشبه ذلك. ودنانيرهم تسمى الصلع لأنها من ذهب محض غير مختومة؛ ونساؤهم فائقات الجمال لا يعدل بهن نساء بلد حسنا. والزنا عندهم مباح وهن يتلقين التجار إذا أقبلوا إلى بلدهم ويتقارعن على الرجل الجميل منهم أيهن تحمله إلى منزلها. وبين مدينة تادمكة وغانة نحو ال ٥٠ مرحلة، وبينهما مدن وعمائر للسودان والبربر.
فإذا سرت من غانة تريدها فأول ما تلقى مدينة سجنجوا «ا»«٢» : وهى على