الرسمية الصادرة باسم غانة ملك أحد هذه البلاد إلى يوسف بن ناشفين (ص ٢١٩) ؛ ومعنى هذا أن سجلات المرابطين القديمة كانت فى متناول يده؛ أو وصلت إليه صور منها هى الأقل.
من كل ذلك يمكننا أن نفترض أن المؤلف «الناظر» كان يشغل وظيفة لدى يعقوب المنصور كانت تمكنه من الاطلاع على مجرى الأمور فى ديوان الخليفة أو فى بلاطه. وهنا يمكننا أن نذهب إلى أبعد من ذلك فنظن أنه ربما كان صاحب الرسالة الرسمية نفسه أى ابن محشرة «١» . يؤيد ذلك ما يظهره المؤلف من آيات الولاء والخضوع للخليفة وسلفيه، ذلك الولاء الذي لا يصدر إلا من خادم مخلص للموحدين.
الكتاب:
إن النظرة السريعة إلى كتاب الاستبصار تبين أن موضعه بين كتب المكتبة الجغرافية العربية. ورغم ذلك فإنه من الصعب وضعه فى موضعه الصحيح بين أصناف الكتب الجغرافية المعروفة: من كتب الأطوال والعروض، وكتب تقويم البلدان، وكتب المسالك والممالك، أو كتب العجائب «٢» .
والحقيقة أنّنا لو أخذنا بعنوان الكتاب، وهو «كتاب الاستبصار فى عجائب الأمصار» لوجب وضعه بين كتب المجموعة الأخيرة. ولكن الأمر ليس كذلك؛ إذ هو ليس كتاب جغرافية خالصة. فرغم تاريخ تأليفه المتأخر نسبيا نلاحظ أنه يحتوى على خليط من التاريخ والجغرافية من كل لون، مما يجعله أشبه ما يكون بكتب الجغرافية من النوع البدائى الأول.
فمن وجهة النظر الجغرافية- ولهذا السبب وحده- يمكن أن يقال بشكل عام إن الكتاب ليس من كتب الجغرافية العلمية المبتكرة، فهو غير مخصص