لعجائب البلدان، كما يمكن أن نتوقع، وإنما هو مصنف يحوى معلومات دقيقة وأخبار أعامة وأساطير طريفة، جمعت بعضها إلى جانب بعض بغرض تقديم وصف سهل لطيف مستساغ للقارئ لا تثقله الدقة العلمية المتعبة والتى لاتهم سوى الإخصائيين.
المصادر:
إن مما يعين على معرفة المصادر المختلفة التى أخذ عنها المؤلف معلوماته أن نأخذ بعين الاعتبار أن الكتاب ينقسم إلى ثلاثة أقسام مختلفة هى: الأماكن المقدسة ومصر وبلاد المغرب.
والجزء الأول عبارة عن وصف مكة والمدينة، والهدف منه هو تصوير شعائر الحج. والمؤلف يعنى فيه بوصف مكة عناية بالغة، فهو يعدد ضواحيها وتلالها، والجبال المحيطة بها. ثم هو يصف بكل دقة الكعبة ومقاييسها وبابها والحجر الأسود بها. ثم هو يستطرد فى وصف المسجد الحرام، ويصف بئر زمزم؛ وهو خلال ذلك يشرح مناسك الحج. وإلى جانب هذا يصف المساجد الأخرى مثل مسجد الخيف ومسجد وفيما يتعلق بالمدينة يستطرد المؤلف بنفس الشكل عند الكلام عن مسجد النبي وقبره المبجل، ومسجد قبا؛ وينهى وصفه بالكلام عن قبور الشهداء فى سفح جبل أحد.
وهذا الجزء عظيم الأهمية نظرا لمعلوماته الدقيقة وطريقته العلمية؛ ولكننا لا نعرف من أى المصادر استقيت مادته. فالمعلومات التى يمدنا بها عن مكة مختلفة عن معلومات الأزرقى (القرن الثالث الهجرى ٩ م) التى ينقلها ابن رسته (نهاية القرن الثالث ٩ م) ، وهى تختلف كذلك عن معلومات ابن جبير المعاصر لمؤلف الاستبصار؛ والمعروف أن ما كتبه الأزرقى وابن جبير يعتبر أهم ما كتب عن مكة والكعبة وأكثره أصالة. وهنا نجد أن المؤلف لا يدين بشيء لهذين الكاتبين. ويمكن بعد هذا أن نفترض أنه نقل عن البكرى الذي كتب فى سنة ٤٦٠/١٠٦٧ كتابه المعروف بالمسالك والممالك. والحقيقة أن كتاب البكرى هو المصدر الرئيسى لصاحب الاستبصار