فيقصه على من أمامه. فيقول له: إنك رأيت هذا فى منامك وهو بشرى لك، فلا تنثى عما أمرت به ويبشره بالمثوبة عليه، ويرفع له خنجرا مسموما معدا عنده من حينه «١» .
قال المؤلف فلما هلك الملك نقراوش المتقدم الذكر، ملك بعده ابنه سورت. وكان موحدا مؤمنا. فغلق هياكل الكواكب فقل النيل فى أيامه، فرفضه بنو أبيه وخلعوه وملكوا أخاه الأصغر مصرام المتقدم الذكر. وكان جبارا فزاد فى هياكل الكواكب، واحتفل فى شكرها وبر سدنتها وزاد فى دخلها وقرابينها. وكان له ربّى فأمره أن يحتجب عن الناس، وألقى على وجهه نورا حتى لم يتمكن أحد من النظر إليه؛ وذلل له الأسد فركبها، وادعى الإلهية ودعا الناس إلى عبادته، وغاب عن الناس نحو ٣٠ سنة. وركب فى غيبته أنواعا من الدواب العظام من الوحوش والسباع لها منظر يهول. ومضى به ذلك الربّى حتى أوقفه على البحر الأسود، فبنى فى وسطه صنما من حجر أسود أبيض، وزبر عليه اسمه وجعله قربانا للشمس، وعمل قلعة الفضة التى فى البحر الأسود وخبرها مشهور.
ذكر ذلك الموس الكاهن فى سير الملوك القدماء. وزبر على ذلك الصنم:
«أنا مصرام الحبار جامع الأخبار وكاشف الأسرار والعالم القهار: وأظهرت الحكمة العجيبة وكشفت الأمور الغريبة؛ ونصبت الأعلام الهائلة على البحار السائلة ليعلم من بعدى أنه لا ملك مثل ملكى» . وقيل إنه ركب فى مدينة برسان شجرة تؤكل منها كل فاكهة، وعمل عجائب وغرائب يطول وصفها «٢» .
فلما هلك مصرام ملك بعده من بنيه عدة ملوك، كل واحد منهم يعمل فى وقته عجائب وغرائب فى البناء، وغير ذلك من الطلسمات والصور والأصنام المركبة من الجواهر الغالية؛ إلى أن ملك من بنيه شوندين بن سلمون صاحب الأهرام.
وكان ملكا عاقلا عالما محبا للعلماء، وكان أوتى من العلم والحكمة ما لم يسبقه إلى ذلك ملك ولا غيره، وكان يتعهد من مصالح الرعية ما لم يتعهده سواه من الملوك، وكان ينفق على الزمناء والضعفاء من ماله. واتخذ مرآة من أخلاط