قيل فسأل المأمون عمن وجد بمصر من العلماء بتاريخ العالم: هل لهذه الأهرام أبواب يدخل إليها منها؟ فقيل له إن لها أبوابا تحت الأرض، فى آزاج مبنية بالحجارة، طول كل زج منها ٢٠ ذراعا، له باب من حجر واحد يدور بكوكب، إذا أطبق لم يعرف أنه باب، وصار كالبنيان لا يدخل الذر فى خصاصته، ولا يوصل إليه إلا بكلام وقرابين وبخورات معروفة. وإن فى هذه الأهرام قبورا من الذهب والفضة والكيمياء وحجارة الزبرجد الرفيعة النفيسة ما لا يسعه وصف واصف.
وفيها من الكتب المستودعة فيها طرائف الحكمة وكمال الصنعة، ومن التماثيل الهائلة من الذهب الملون على رؤسها التيجان الفاخرة مكللة بالجواهر النفيسة، ما يستدل به على عظيم ملكهم؛ وجعلوا على ذلك من الطلسمات ما يمنع منه، ويدفع عنه إلى أوقات معلومة وأمد لابد منه. وإنما قصدوا بذلك أن تكون تلك الأشياء ذخيرة لأعقابهم، ولمن يكون من بعدهم، علما على عظيم ملكهم. قال ووضعوا أساس تلك الأعلام فى وقت السعادة، وجعلوا فى أساس كل علم منها صنما، وزبروا فى صدورها دفع المضار والآفات عنها. وفى كل صنم منها آلة كالبوق، وهو واضعه على فيه. وفى وسط كل هرم منها شرفات موجهة إلى آزاج ضيقة المنافذ واسعة المداخل، تجتذب الرياح إليها على طول الزمان، وتخرج من وجه الداخل إليها، ولها صفير فمن لم يحس دفعها أهلكته. قال فعجب المأمون من ذلك ولم يتعرض إلى شىء من تلك الأعلام.
وقيل إنه عمل تحت تلك الأهرام أسرابا تخرج إلى نواح مختلفة: منها ما يخرج إلى الفيوم وهى على نحو يوم ونصف من مصر، وإلى ناحية المغرب على مسيرة يومين وأزيد، وفى أسفلها مسارب للماء تفضى إلى النيل. قيل ووكل بكل هرم من تلك الأهرام روحانيين، فجعل فى الهرم الغربى روحانى فى صورة امرأة عريانة مكشوفة الفرج لها ذؤابتان حسنة الخلق. وإذا أرادت تستفز الإنسان ضحكت إليه، واستجرته إلى نفسها، فإن تبعها أهلكته.
ذكر ذلك من رآها مرارا. ووكل بالهرم القبلى روحانى فى صورة غلام أمرد عريان حسن الخلق يفعل كذلك. وقد رؤى من خارج مرة بعد مرة ثم يغيب فى الهرم. وفى الهرم الملون صورة شيخ عليه ثياب الرهبان، وبيده مجمرة كأنه يتبخر. وكذلك وكل بجميع البرابى «١» . وببلد إخميم يشاهد أهله أن روحانى