وبها من الكيمياء. وفى بعض أخبار مصر أن قوما قصدوا الأهرام، فنزلوا فى تلك الآبار، وطلبوا أن يدخلوا فى تلك المضايق التى تخرج منها الرياح، واحتملوا معهم سرجا فى أوان رخام. فلما حصلوا فى تلك المضايق، خرجت عليهم ريح شديدة وأخرجتهم منها عنفا، وأطفأت أكبر سرجهم. فأخذوا أحدهم وكان أقواهم جأشا وأشدهم عزما وأصلبهم قلبا؛ فربطوا وسطه بالحبال، وقالوا ادخل فإن رأيت شيئا تكرهه جذبناك، فلما دخل المغرور وزاحم تلك الرياح، انطبق عليه ذلك الفتح، فجذبوه فانقطعت حبالهم، وبقى الرجل فى ذلك الشق وهم لا يعلمون له خبرا؛ فصعدوا هاربين حتى خرجوا من البئر، واغتموا لما أصاب صاحبهم. فجلسوا عند الثلمة مفكرين فى أمر صاحبهم، وفى أمرهم وما أقاموا عليه، فبينما هم كذلك إذ انفجرت من الأرض فرجة كالكوة، وأثارت لهم ذلك الرجل عريانا مشوه الخلق ميت الدم جامد العينين، وهو يتكلم بكلام عجيب لا يفهم، فلما فرغ من كلامه سقط ميتا. فازداد وجلهم وتضاعف حزنهم وجزعهم، وعلموا أنهم خالصون من أمر عظيم «٢» . قال فاحتملوا صاحبهم، واتصلت أنباؤهم بوالى مصر وهو ابن المدبر فى أيام المتوكل «٣» ، فسألهم عن أمرهم؛ وأخبروه بذلك فعجب. وأمر أن يكتب الكلام الذي قال ذلك الرجل الذي مات، حسب ما قاله، وأقام ابن المدبر يطلب من يفسره إلى أن وجد رجلا يعرف شيئا من ذلك اللسان، ففسره:«هذا جزاء من طلب ما ليس له وأراد الكشف على ما يخفى، فليعتبر من رآه» . قال فمنع حينئذ ابن المدبر أن يتعرض أحد للأهرام.