للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصيد. فطرب الملك عليه وأمر للصناع بمال فجعلوه للفهلبد. فلما سكر أبرويز قال لشيرين: سليني حاجة. قالت: حاجتي أن تصيّر في هذا الباغ نهرين من حجارة تجري فيهما الخمر «١» ، وتبني لي بينهما قصرا لم يبن في مملكتك مثله. فأجابها إلى ذلك. وكان السكر قد عمل فيه، فأنسى ما سألته ولم تجسر على أن تذكّره.

فقالت للفهلبد: ذكره حاجتي وإليك عليّ أن أهب لك ضيعتي بأصبهان. فأجابها إلى ذلك وعمل صوتا أذكره فيه ما وعد شيرين وغناه إياه. فقال: أذكرتني ما كنت قد أنسيته. وأمر ببناء النهرين والقصر. فبني ذلك. ووفت شيرين للفهلبد بضمانها.

فنقل عياله إلى هناك. فلذلك صار من ينتمي إليه بأصبهان.

قال بعض أهل الأدب: قرأت على قصر خراب في المفاوز هذه الأبيات

يا باني القصر كم أنفقت من مال ... على بنائك والبنا بالي (؟)

أطمعت نفسك في سكناه مجتهدا ... فصار منك وممن يقتني خالي

وعاد بعدك قصرا لا أنيس به ... لم يبق منه سوى رسم وأطلال

هذا دليل على توحيد خالقنا ... أرضا (؟) «٢» وينقل من حال إلى حال

[١٠٦ ب] قال: وقرئ على حائط شيرين «٣» .

يا ذا الذي غرّه الدنيا وبهجتها ... وحسن زهرة أنوار البساتين

والدور تخربها طورا وتعمرها ... باللبن والجصّ والآجرّ والطين

والمال تكنزه حرصا وتمنعه ... عن الحقوق التي فيها لمسكين

أما رأيت صروف الدهر ما صنعت ... بالقصر قصر أبرويز وشيرين

أما نظرت إلى إحكام صنعته ... كأنه قطعة من طور سينين

قد صار قفرا خلاء ما به أحد ... إلّا النعام مع الوحشية العين

<<  <   >  >>