للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نزل عليه الوحي على جبل يقال له سبلان، وانه حين رأى سكان تلك الناحية الباردة لا يعرفون إلّا الأذى بالبرد ولا يضربون المثل إلّا به ولا يتوعدون إلّا به حتى يقول الرجل لعبد إذا أذنب ذنبا عظيما: لئن عدت إلى مثل هذا لأنزعن ثيابك ولأقيمنك في الريح ولأطرحنك في الثلج.

فلما رأى أن موضع البرد عندهم هذا الموقع، جعل الوعيد بتضاعيفه. ويظن أن ذلك أزجر لهم.

وقال عبد الله بن زياد «١» : كان سبب عبادة النار عند المجوس أنه لمّا ولد المسيح عليه السلام، رأى الملك الذي كان في وقته للفرس- وقد قيل إنه كان أردشير- كان يرقى نعشا ثم أحرق نجمه. فهاله ذلك وجزع منه، وسأل عن القصة فبلغه خبر المسيح، فأهدى إليه هدية فيها صبر وعسل مع ثلاثة رجال من أهل فارس. فانطلقوا إلى الشام حتى لقوه ودفعوا إليه الهدية، فقبلها. ثم إن المسيح أهدى إلى ملك الفرس ثلاثة أقراص من خبز شعير قربانا مع الرسل وأوصاهم بوصية. فخرجوا من الشام يريدون بلد فارس. فبينا هم في الطريق إذ قال واحد منهم: لو أكل كل واحد منا قرصا من هذه الأقراص فكان يفوز بالفضل الذي فيها، فإن هذا الرجل- يعني المسيح- لم يكن يوجه إلى إلى الملك هذه الأقراص إلّا لفضل عظيم فيها. فتتابع اثنان على ذلك وأكلا قرصيهما. وأبى الثالث أن يفعل. فقالا له: إنّا نخاف على أنفسنا من الملك أن وقف على فعلنا. فإما [١٢٨ أ] أن تأكل قرصك وإما أن نقتلك. قال فإني آكله. وأوهمهم ذلك ثم دفنه. وانطلقوا حتى صاروا إلى صاحبهم فقال لهم: ما الذي قال لكم؟ فعرّفوه ما أوصاهم به. قال:

فأي شيء وجّه معكم؟ قالوا: لم يوجّه معنا شيئا. فقال: كذبتم. ما كان ليردكم بغير شيء. أصدقوني، ما الذي صنعتم بما أعطاكم؟ فصدقوه عن الأمر، وعرّفه الذي لم يأكل القرص ما فعل به ووصف له المكان الذي دفنه فيه. فقال: انطلق بنا حتى تقفنا على الموضع الذي دفنته فيه. فانطلق والملك معه. فلما صارا إلى

<<  <   >  >>