الموضع أوقفه عليه. فأمر أن يحفر المكان ويستخرج القرص، ففعلوا ذلك.
فهاجت في وجوههم نار عظيمة منعتهم من استخراجه. فحاولوا ذلك غير مرة وهي تمنعهم. فقال أردشير: بهذه النار أرسلكم. فمن يومئذ عظّمت فارس النار وعبدتها.
ورأينا جماعة من علماء المجوس يدفعون هذا ولا يعترفون به ويزعمون أن تعظيم النار قبل مولد المسيح بالدهر الطويل.
وقال الجاحظ «١» : من المواضع التي عظمت النار لها، أن الله عز وجل جعلها لبني إسرائيل في موضع امتحان إخلاصهم وتعرّف صدق نياتهم. فكانوا يتقربون بالقربان، فمن كان منهم مخلصا، نزلت نار من قبل السماء حتى تحيط بقربانه فتأكله. ومن لم تأكل النار قربانه، قضوا على صاحبه أنه مذموم القلب فاسد النية.
فهذا باب مما عظم الله به شأن النار في صدور الناس. ومنه قول الله عزّ وجلّ وَهَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى: إِذْ رَأى ناراً فَقالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ ناراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْها بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدىً. فَلَمَّا أَتاها نُودِيَ يا مُوسى، إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً.
وقال في موضع آخر الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ.
والنار من أكبر الماعون «٢»[وأعظم المرافق] ولو لم يكن فيها إلّا أن الله جل وعز جعلها الزاجرة على المعاصي لكان ذلك مما يزيد في قدرها وفي نباهة ذكرها وقال أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ؟ أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِؤُنَ نَحْنُ