[الشفاعة الشرعية والتوسل إلى الله بالأعمال وبالذوات والأشخاص]
بسم الله الرحمن الرحيم
وسئل أيضاً رحمه الله تعالى: هل يجوز للإنسان أن يتشفع بالنبي صلى الله عليه وسلم في طلب حاجة أم لا؟ فأجاب: الحمد لله - أجمع المسلمون على أن النبي صلى الله عليه وسلم يشفع للخلق يوم القيامة بعد أن يسأله الناس ذلك وبعد أن يأذن الله له في الشفاعة.
ثم أهل السنة والجماعة متفقون على ما اتفقت عليه الصحابة واستفاضت به السنن من أنه يشفع لأهل الكبائر من أمته ويشفع أيضاً لعموم الخلق.
وأما الوعيدية من الخوارج والمعتزلة فزعموا أن شفاعته إنما هي للمؤمنين خاصة في رفع الدرجات، ومنهم من أنكر الشفاعة مطلقاً.
وأجمع أهل العلم على أن الصحابة كانوا يستشفعون به في حياته، ويتوسلون بحضرته، كما ثبت في صحيح البخاري عن أنس أن عمر بن الخطاب كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب رضي الله عنه فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا - فيسقون.
وفي البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم يستسقي فما ينزل حتى يجيش كل ميزاب:
فالإستسقاء هو من جنس الاستشفاع به وهو أن يطلب منه الدعاء والشفاعة ويطلب من الله أن يقبل دعاءه وشفاعته فينا. وكذلك معاوية بن أبي سفيان لما أجدب الناس في الشام استسقى بيزيد بن الأسود الجرشي رضي الله تعالى عنه وقال: اللهم إنا نستشفع ونتوسل إليك بخيارنا، يا يزيد ارفع يديك، فرفع يديه