بسم الله الرحمن الرحيم
(رسالة شيخ الإسلام إلى من سأله عن حقيقة مذهب الاتحاديين أي القائلين بوحدة الوجود)
الحمد الله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين * وأشهد أن لا إله إلا الله
الأحد الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم تسليما
كثيراً وعلى سائر إخوانه المرسلين.
(أما بعد) فقد وصل كتابك تلتمس فيه بيان حقيقة مذهب هؤلاء الاتحادية
وبيان بطلانه، وانك كنت قد سمعت مني بعض البيان لفساد قولهم، وضاق الوقت
بك عن استتمام بقية البيان، وأعجلك السفر، حتى رأيت عندكم بعض من ينصر
قولهم ممن ينتسب إلى الطريقة والحقيقة، وصادف مني كتابك موقعا، ووجد محلا
قابلا، وقد كتبت إليك بما أرجو من الله أن ينفع به المؤمنين، ويدفع به بأس
هؤلاء الملاحدة المنافقين، الذين يلحدون في أسماء الله وآياته المخلوقات والمنزلات
في كتابه المبين، ويبين الفرق بين ما عليه أهل التحقيق واليقين، من أهل العلم
والمعرفة المهتدين، وبين ما عليه هؤلاء الزنادقة المتشبهين بالعارفين، كما تشبه بالأنبياء
من تشبه من المتنبئين، وكما شبهوا بكلام الله ما شبهوه به من الشعر المفتعل وأحاديث
المفتريين، لتبيين أن هؤلاء من جنس الكفار المنافقين المرتدين، اتباع فرعون
والقرامطة الباطنيين، وأصحاب مسيلمة والعنسي ونحوهما من المفترين، وأن أهل
العلم والإيمان من الصديقين والشهداء والصالحين، سواء كانوا من المقربين السابقين
أو من المقتصدين أصحاب اليمين، وهم من أتباع إبراهيم الخليل وموسى الكليم،
ومحمد المبعوث إلى الناس أجمعين. وقد فرق الله في كتابه المبين الذي جعله حاكما
بين الناس فيما اختلفوا فيه من الحق بين الحق والباطل، والهدى والضلال، والمؤمنين
والكافرين، وقال تعالى (ام حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا
وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون؟) وقال (ام نجعل