قال الشيخ الإمام العالم العلامة شيخ الإسلام، بقية السلف الكرام، العالم الرباني، المقذوف في قلبه النور القرآني، أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني، قدس الله روحه، ونور ضريحه، وأسكنه فسيح الجنان: الحمد لله نستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، ونشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ونشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيداً. فبلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح الأمة، وكشف الغمة، وجاهد في الله حق جهاده، وعبد الله مخلصاً حتى أتاه اليقين من ربه. صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
فصل
في العبادات، والفرق بين شرعيها فإن هذا باب كثير فيه الاضطراب كما كثر في باب الحلال والحرام. فإن أقواماً استحلوا بعض ما حرمه الله، وأقواماً حرموا بعض ما أحل الله تعالى، وكذلك أقواماً أحدثوا عبادات لم يشرعها الله بل نهى عنها. وأصل الدين أن الحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله، ليس لأحد أن يخرج عن الصراط المستقيم الذي بعث الله به رسوله. قال الله تعالى (وإن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) .
وفي حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خط خطاً وخط خطوطاً عن يمينه وشماله ثم قال " هذه سبيل الله وهذه سبل على كل سبيل