[كتاب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى العارف بالله الشيخ نصر المنبجي]
قال الراوي: كتاب كتبه الشيخ الإمام وحيد دهره، وفريد عصره، علامة زمانه ناصر السنة مؤيد الشريعة شيخ الإسلام تقي الدين أبو العباس أحمد بن تيمية الحراني فسح الله تعالى في مدته وأعاد علينا من بركته إلى الشيخ القدوة أبي الفتح نصر المنبجي سنة أربع وسبعمائة.
بسم الله الرحمن الرحيم: من أحمد بن تيمية إلى الشيخ العارف القدوة السالك الناسك أبي الفتح نصر، فتح الله على باطنه وظاهره ما فتح به على قلوب أوليائه، ونصره على شياطين الإنس والجن في جهره وإخفائه، ونهج به الطريقة المحمدية الموافقة لشرعته، وكشف به الحقيقة الدينية المميزة بين خلقه وطاعته، وإرادته ومحبته، حتى يظهر للناس الفرق بين الكلمات الكونية والكلمات الدينية، وبين المؤمنين الصادقين الصالحين، ومن تشبه بهم من المنافقين، كما فرق الله بينهما في كتابه وسنته.
أما بعد فإن الله تعالى قد أنعم على الشيخ وأنعم به نعمة باطنة وظاهرة في الدين والدنيا، وجعل له عند خاصة المسلمين الذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً منزلة عليه، ومودة إليه لما منحه الله تعالى به من حسن المعرفة والقصد، فإن العلم والإرادة، أصل لطريق الهدى