للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأسمائه فهذا قد أصاب، فالإنسان وجميع ما يقوم به من الأصوات والحركات وغيرها مخلوق كائن بعد أن لم يكن، والرب تعالى بما يقوم به من صفاته وكلماته وأفعاله غير مخلوق، والعباد إذا قرؤوا كلامه فإن كلامه الذي يقرؤونه هو كلامه لا كلام غيره، وكلامه الذي تكلم به لا يكون مخلوقاً وكان ما يقرؤون به كلامه من حركاتهم وأصواتهم مخلوقاً، وكذلك ما يكتب في المصاحف من كلامه فهو كلامه مكتوباً في المصاحف وكلامه غير مخلوق، والمداد الذي يكتب به كلامه وغير كلامه مخلوق، وقد فرق سبحانه وتعالى بين كلامه وبين مداد كلماته بقوله تعالى: " قل لو كان البحر مداداً لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مدداً " وكلمات الله غير مخلوقة والمداد الذي يكتب به كلمات الله مخلوق والقرآن المكتوب في المصاحف غير مخلوق، وكذلك المكتوب في اللوح المحفوظ وغيره قال تعالى: " بل هو قرآن مجيد، في لوح محفوظ " وقال: " كلا إنها تذكرة، فمن شاء ذكره، في صحف مكرمة، مرفوعة مطهرة ". وقال تعالى: " يتلو صحفنا مطهرة، فيها كتب قيمة " وقال: " إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون، لا يمسه إلا المطهرون ".

فصل: فهذا المتنازعان اللذان تنازعا في الأحرف التي أنزلها الله على آدم، فقال أحدهما: إنها قديمة وليس لها مبتدأ وشكلها ونقطها محدث. وقال الآخر: إنها ليست بكلام وإنها مخلوقة بشكلها ونقطها وإن القديم هو الله وكلامه منه بدأ وإليه يعود منزل غير مخلوق، ولكنه كتب بها، وسؤالهما أن نبين لهما الصواب وأيهما أصح اعتقاداً، يقال لهما: يحتاج بيان الصواب إلى بيان ما في السؤال من الكلام المجمل فإن كثيراً من نزاع العقلاء لكونهما (١) لا يتصوران مورد النزاع تصوراً


(١) أي لكون المتنازعين منهم

<<  <  ج: ص:  >  >>