للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحسنه بصوته، فبين أن القارئ يحسن القرآن بصوته نفسه.

والسبب الثاني أن السلف قالوا كلام الله منزل غير مخلوق، وقالوا لم يزل متكلماً إذا شاء، فبينوا أن كلام الله قديم، أي جنسه قديم لم يزل، ولم يقل أحد منهم أن نفس الكلام المعين قديم، ولا قال أحد منهم القرآن قديم، بل قالوا إنه كلام الله منزل غير مخلوق، وإذا كان الله قد تكلم بالقرآن بمشيئته كان القرآن كلامه، وكان منزلاً منه غير مخلوق، ولم يكن مع ذلك أزلياً قديماً بقدم الله وإن كان الله لم يزل متكلماً إذا شاء، فجنس كلامه قديم، فمن فهم قول السلف وفرق بين هذه الأقوال زالت عنه الشبهات في هذه المسائل المعضلة التي اضطرب فيها أهل الأرض.

فمن قال أن حروف المعجم كلها مخلوقة وأن الله تعالى (١) مخالفاً للمعقول الصريح، والمنقول الصحيح، ومن قال أن نفس أصوات العباد أو مدادهم أو شيئاً من ذلك قديم فقد خالف أيضاً أقوال السلف، وكان فساد قوله ظاهراً لكل أحد، وكان مبتدعاً قولاً لم يقله أحد من أئمة المسلمين ولا قالته طائفة كبيرة من طوائف المسلمين، بل الأئمة الأربعة وجمهور أصحابهم بريئون من ذلك، ومن قال أن الحرف المعين أو الكلمة المعينة قديمة العين، فقد ابتدع قولاً باطلاً في الشرع والعقل، ومن قال أن جنس الحروف التي كلم الله بها بالقرآن وغيره ليست مخلوقة وأن الكلام العربي الذي تكلم به ليس مخلوقاً والحروف المنتظمة منه جزء منه ولازمة له وقد تكلم الله بها فلا تكون مخلوقة فقد أصاب.

وإذا قال أن الله هدى عباده وعلمهم البيان فأنطقهم بها باللغات المختلفة وأنعم عليهم بأن جعلهم ينطقون بالحروف التي هي مباني كتبه وكلامه


(١) كذا بالأصل ويظهر أنه قد سقط من هنا شيء فان قوله (وأن الله تعالى) ليس له خبر يتم به الكلام.وهو تمهيد للجواب عن الأقوال التي تقدم سؤال شيخ الإسلام عنها في صفحة ٣٥ وفيه أن الذين قالوا أنها مخلوقة بشكلها ونقطها إلخ وقوله " مخالفا للمعقول" سقط من قبله العامل فيه ولعله قال فقد قال قولا مخالفاً إلخ

<<  <  ج: ص:  >  >>