الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار؟)
وقال (أفنجعل المسلمين كالمجرمين ما لكم كيف تحكمون؟)
وقد بين حال من تشبه بالأنبياء وبأهل العلم والإيمان من أهل الكذب
والفجور الملبوس عليهم اللابسين. وأخبر أن لهم تنزلاً ووحيا ولكن من الشياطين،
فقال تعالى (وأن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم وإن أطعتموهم إنكم
لمشركون) وقال تعالى (هل أنبئكم على من تنزل الشياطين؟ تنزل على كل أفاك
أثيم) وأخبر أن كل من ارتد عن دين الله فلابد أن يأتي الله بدله بمن يقيم دينه المبين،
فقال (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم
ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون
لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم) .
وذلك أن مذهب هؤلاء الملاحدة فيما يقولونه من الكلام وينظمونه من الشعر بين
حديث مفترى وشعر مفتعل. واليهما اشار أبو بكر الصديق رضي الله عنه - لما
قال له عمر بن الخطاب في بعض ما يخاطبه به: يا خليفة رسول الله تألف الناس. فأخذ
بلحيته وقال: يا ابن الخطاب، أجباراً في الجاهلية خواراً في الإسلام؟ علام أتألفهم؟
أعلى حديث مفترى؟ أم شعر مفتعل؟ يقول: إني لست أدعوهم إلى حديث مفترى
كقرآن مسيلمة، ولا شعر مفتعل كشعر طليحة الاسدي.
وهذان النوعان هما اللذان يعارض بهما القرآن أهل الفجور والافك المبين،
قال تعالى (فلا أقسم بما تبصرون ومالا تبصرون إنه لقول رسول كريم) إلى آخر
الآية وقال تعالى (وإنه لتنزيل رب العالمين * نزل به الروح الأمين) الآيات إلى
قوله تعالى (وما تنزلت به الشياطين) إلى آخر السورة. فذكر في السورة علامة الكهان
الكاذبين، والشعراء الغاوين، ونزهة عن هذين الصنفين كما في سورة الحاقة. وقال تعالى
(إنه لقول رسول كريم * ذي قوة عند ذي العرش مكين) إلى آخر السورة. فالرسول
هنا جبريل. وفي الآية الأولى محمد صلى الله عليه وسلم ولهذا نزه محمداً هناك أن يكون شاعراً
أو كاهنا ونزه هنا الرسول إليه أن يكون من الشياطين