كلام متناقض فإنه إذا لم يكن عابد ولا معبود بل الكل واحد فمن هم الذين لا ينصفون؟ إن كانوا هم الله فيكون الله هو الذي لا ينصف وهو الذي يأكل ويشرب ويكفر كما يقول ذلك كثير منهم مثلما قال بعضهم لشيخه: الفقير إذا صح أكل بالله فقال له الآخر: الفقير إذا صح أكل الله، وقد صرح ابن عربي وغيره من شيوخهم لأنه هو الذي يجوع ويعطش ويمرض ويبول وينكح وينكح وأنه موصوف بكل نقص وعيب لأن ذلك هو الكمال عندهم كما قال في الفصوص: فالعلي لنفسه هو الذي يكون له الكمال الذي يستقصي به جميع الأمور الوجودية النسب العدمية سواء كانت محمودة عرفاً وعقلاً وشرعاً أو مذمومة عرفاً وعقلاً وشرعاً وليس ذلك إلا لمسمى الله خاصة، وقال: لا ترى الحق يظهر بصفات المحدثات وأخبر بذلك عن نفسه وبصفات النقص والذم؟ ألا ترى المخلوق يظهر بصفات الخالق فهي كلها من أولها إلى آخرها صفات للعبد كما أن صفات العبد من أولها إلى صفات لله تعالى. هذا المتكلم بمثل هذا الكلام يتناقض فيه فإنه يقال له: فأنت الكامل في نفسك الذي لا ترى عابداً ولا معبوداً يعاملك بموجب مذهبك فيضرب ويوجع ويهان ويصفع ويظلم فمن فعل به ذلك واشتكى أو صاح منه وبكى وقيل له ما ثم غير ولا عابد ولا معبود فلم يفعل بك هذا غيرك بل الضارب هو المضروب والشاتم هو المشتوم والعابد هو المعبود فإن قال: تظلم من نفسه واشتكى من نفسه قيل له: فقل أيضاً عبد نفسه، فإذا أثبت ظالماً أو مظلوماً وهماً واحد فأثبت عابداً ومعبوداً وهما واحد. ثم يقال له هذا الذي يضحك ويضرب هو نفس الذي يبكي ويصيح وهذا الذي شبع وروى هو نفس هذا الذي جاع وعطش فإن اعترف بأنه غيره أثبت